المولد والنشأة
ولد الشيخ حارث في مدينة بغداد بمنطقة الحارثية عام 1962 لاسرة ثرية، وكان ابوه يعمل في سلك القضاء، لذا كان كثير التنقل مع اسرته في مختلف المحافظات بسبب ظروف عمل ابيه.
دخل الابتدائية عام 1968 في محافظة المثنى عندما عيّن والده قاضياً في ناحية الدغارة في قضاء الرميثة، وبقى هناك حتى عام 1978 ثم رجع الى بغداد ودرس المتوسطة في منطقة القادسية، وفي المنطقة ذاتها اكمل الاعدادية في مدرسة الامين، ثم دخل كلية الادارة والاقتصاد/ الجامعة المستنصرية، واستمر فيها شهراً واحداً، انتقل بعدها الى كلية الشريعة – جامعة بغداد، واثناء الخدمة العسكرية انتدب لتدريب اللغة العربية في محافظة السليمانية، اكمل الماجستير في العلوم الاسلامية – جامعة بغداد عن رسالته الموسومة ( احكام المسافر في الشريعة الاسلامية) في عام 1994، ثم تعين في جامعة بغداد – كلية ابن رشد في قسمي القران الكريم واللغة العربية ( 1998 – 2005)، ثم اكمل الدكتوراه عام 2001 عن اطروحته الموسومة ( احكام نوافل الصلاة)، وحصل على درجة الامتياز.
رجل المسجد
جميع من عرف الشيخ حارث يشهد بارتياده المسجد والعمل فيه لرفعة الدين، ونشر الاسلام، اذ كان رجل المسجد الذي لا ينتهي من نشاط حتى يبدأ بآخر، يضاف لذلك حفظه القران الكريم عن ظهر قلب، والصوت العذب في التلاوة حين يؤمّ المصلين، فقد كانت له ختمة في القران الكريم بين صلاتي المغرب والعشاء، وختمة عند صلاة الفجر.
وظّف الشيخ حارث السفرات لخدمة الدعوة وهداية الاخرين، ففي احدى المرات اخذ شباب المسجد الى منطقة الهويدر في محافظة ديالى وهي منطقة بساتين ونخيل ويوجد فيها نهر، فاخذ يعلم الشباب ممن لا يستطيعون السباحة كيفية تحريك الجسم، حتى زال اثر الخوف عنهم.
مواقف خالدة
حين تضيع الامانة، تضيع معها حقوق العباد، والخدمات العامة جزء من ذلك الحق المسلوب، في اواسط التسعينات كانت منطقة الغزالية سيئة الخدمات كما هي الحال اليوم، عندها بادر الشيخ فجمع جمعاً من وجهاء الغزالية في ذلك الوقت وكتبوا مذكرة يطالبون فيها بتحسين الواقع الخدمي للمنطقة، وكان الشيخ حارث هو حال هذه المذكرة والمتحدث باسم اهالي المنطقة، واوصلها للمجلس الوطني آنذاك.
وحين احتل البلد قرر الدخول للساحة السياسية، فرشح نفسه للبرلمان واصبح عضواً فاعلا بملف حقوق الانسان، وصار محامياً للمعتقلين وسعى لاخراجهم من السجون ما استطاع لذلك سبيلاً، ويقول بعض ممن رافقوه انه ياخذ عناوين اهالي المعتقلين من ذويهم لايجاد مخرج لهم من الظلم والاضطهاد.
شهيد الجمعة
اعتاد الشيخ حارث رحمه الله ارتقاء منبر جامع الشواف في منطقة اليرموك كل جمعة، اداءاً لرسالته كمسلم، ولكي يلتقي بالناس ويسمع منهم الشكاوى والاحتياجات، وفي الاسابيع الاخيرة من حياته كانت مسار خطبه تتحدث عن كرمة الانسان وانه خليفة الله في ارضه، فلا يليق باي حال من الاحوال بقاء السجون ممتلئة حتى لا يجد السجين موطئ قدم، وما ذلك الا لانهم قالوا ربنا الله، ورفعوا صوتهم عالياً برفض الظلم والطغيان على يد لقطاء المحتل.
وبعد ان رأى خصوم الحق منهجية الشيخ حارث في المواجهة وكشف الحقائق، وانه ماضِ في طريقه بلا تراجع، بعثوا اليه ( صعلوكاً ) ليطلق النار عليه وهو يصلي ركعتي السنة في المسجد، وبعد ان يحاصر بمجموعة من الحراسات يفجر حزاماً ناسفاً فيذهب منتحراً الى مصيره الذي يستحقه في الدنيا قبل الاخرة.
وبقيت ذكرى الشيخ طيبة لكل من عرفه او سمع عنه، فهو داعية موفق، تمثلت فيه صفات المسلم الصادق، ونحسبه كذلكل والله سيبه ولا نزكي على الله احداً
فرحم الله الشيخ الشهيد واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.