المسرى والطوفان .. رسائل الفتح المبين

0
203

بقلم الدكتور  منير  السامرائي

في كل عام تتجدد الذكرى العطرة : ذكرى الإسراء والمعراج ، ويتجدد الإحتفاء بها واستلهام الدروس والعبر من مَعينها الذي لا ينضب .. واليوم تتجدد الذكرى بلون جديد وإشراق مجيد ..

بالأمس كان الإسراء والمعراج بوابةَ الأمل الكبير ، تنداح بشائرُه من المسجد الأقصى وتمتد أفاقُه الفسيحةُ لتخترقَ السبعً الطباق ، فتكونَ شاهدةً على بداية مرحلة جديدة في تاريخ البشرية .. فكان المسرى هناك وكان المعراج .. تحمل أحداثُه رسائلَ الفتح المبين لهذا الدين ، رغم التحديات ورغم أنف المعاندين المستكبرين..

واليوم تمتزج الذكرى المباركةُ بطوفانِ الأقصى الهادر، في وقت تعاظمت فيه التحديات والمؤامرات ، وتكالب فيه الأعداء بكل وحشية وغطرسة وحقد وانتقام ، ونفاق عالمي لم يسبق له مثيل .. أمام ثلةٍ مؤمنة وشعبٍ مسلم صابر مقاوم محتسب ، ليكتبَ الله ُعلى أيديهم بشائرَ نصرٍ قريب ، في رسالة بلسان فصيح ، مفادُها : إن الإيمان بالله والثقة بوعده والإخلاصَ في العمل لن يصمدَ أمامَه جيشُ يدّعون أنه لا يقهر ، ولا تحالفٌ مهما عربد واستكبر ، ولا يضرّ أهلَه مَن خذلهم ولا من تخاذل وطبّع وتقهقر .

إن الأقصى المبارك وما حوله ، كان وما يزال وسيبقى – بإذن الله – أرضَ الرباط والمرابطة ، وقضيةَ الأمةِ الجامعةَ ، وبوصلةَ عقيدتِها ، ومصدَر إلهامِها نحو غدٍ مشرقٍ وحياةٍ طيبة بإذن الله .. إذا ما توافرت له أجيالُ واعيةٌ متسلحةٌ بعقيدةٍ راسخةٍ وبأسٍ شديد،  تدافع عن الحق والمقدسات وتسترخصُ التضحيات ، تملأ الميادين والساحات بالنداء المجلجل والصوت المزلزل : حي على الجهاد ، حي على الكفاح ..

ولهذا ثمن ، ولكل ثمنٍ استحقاق .. قال تعالى (( إن ينصرْكُم الله فلا غالبَ لكم وإن يَخذلْكم فمن ذا الذي ينصرُكم من بعده )) .. هذا طرفُ المعادلة ، وطرفُها الآخر (( إنْ تنصروا الله ينصرْكم ويثبتْ أقدامَكم )) .. هذا واجب الأمة اليوم ، وقد جعلها الله في معركة الطوفان على المحك وفي أتون الامتحان .. محكِ الصمودِ والنصرة ، وامتحانِ العزةِ والكرامة .. فلا عذرَ لأحد أن يتخلف ، ولا مبررَ لأحد أن يتردد ، فالساحةُ واضحة ، والصفوفُ متمايزة ، وها هو القرآن الكريم يذكّرنا بموقف ٍيتكرر (( قد كان لكم آيةٌ في فئتينِ التقتا : فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرةٌ يَرونهم مثلَيهم رأيَ العين والله يؤيّد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرةً لأولي الأبصار )) .