بطاقات رمضانية – البطاقة الثالثة

0
374

هلال جديد وعهد جديد

إعداد / الدكتور منير السامرائي

   لقد قدّم رمضانُ للناس ( نبياً وكتاباً ) قامت عليهما أعظمُ نهضة انسانية عرفها الوجود ، وتمت بهما أضخمُ رسالةٍ رأتها الدنيا .. فكان النبيُّ محمداً صلى الله عليه وسلم ، وكان الكتابُ هو القرآن الكريم .. وكانت الرسالةُ إنشاءَ دين وإحياءَ أمةٍ وإقامةَ دولة ، مَهمّتُها أن توحّد الوجودَ تحت لواء المبادئ العليا والمثلِ السامية والفضائلَ الانسانيةِ الخالدة ، وأن تُخرجَ الناسَ من الظلمات إلى النور بإذن الله .

   والآن ، ها هو رمضان يَطلعُ على الناس من جديد ، ويبادرُ المسلمون في أقطار الأرض فريضةَ الصوم ، طاعةً لله العزيز الحميد .. فهل يشعرون مع هذا الهلالِ بمعنىً جديد ؟ وهل يطالعهُم هلالُ رمضانَ الجديدِ بعهدٍ جديد ؟ إن بين يدي المسلمين فرصةً لا تعوَّض ، فقد تهدّمت قواعدُ المدنياتِ والنظم ، واضطربت أسسُ الحياةِ الانسانية في كل مكان ، وراجت سوق الدعوةِ إلى مبادئ جديدةٍ وآراءٍ جديدة ، وتهيأت الدنيا كلُّها لقبول ما يُعرض عليها من أفكار وتوجهات .. وأخوفُ ما يخافُه المصلحون أن تُخطئَ الانسانيةُ الاختيار، وأن تُبهرَها المظاهرُ الخلابة ، فلا تُبصرُ الحقائقَ الخالدة .. فتسوءَ العقبى وينتكسَ الناسُ من جديد ..

   وأمام المسلمين الكتابُ الرباني ، يذكّرهم به شهرُ رمضان ، وأمامَهم سيرةُ الإنسانِ الكاملِ الذي أنقذ الله به العالمين صلى الله عليه وسلم .. فإلى كتابِ الله وإلى سيرة رسول الله ..

   ويستطيع المسلمون أن يعملوا في هذا الوقت لأنفسهم وللناس عملاً مجدياً نافعاً ، بل لعله عملٌ منقذٌ حاسم ،إذا تشجعوا فطرحوا اليأس والوهم ، وانتهزوا الفُرصةَ السانحة ، فعادوا إلى القرآن الكريم يجددون به دنيا ، ويُحيون به أمة ، ويقيمون به دولة، ( والله غالبٌ على أمره ولكنّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون ) .