بطاقات رمضانية – البطاقة الثانية

0
366

فريضة محكمة

إعداد / الدكتور منير السامرائي

   هذا الصوم الذي يطالعُنا الليلة هلالُه (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) فريضةٌ ربانيةٌ محكمة ، يُقصد بها وجهُ اللهِ ويُبتغى بها رضاه  ، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي ( كلّ عملِ ابن آدمَ له إلا الصومُ ، فإنه لي وأنا أجزي به ) .

   وقد اختار صاحبُ الشريعة له هذا الشهرَ من العام أياماً معدودات، وامتحن به الناسَ في ألصقِ الشهواتِ بنفوسهم ، وألزمِ الضروريات لحياتهم، وأعنفِ الغرائز والعادات سلطاناً عليهم .. فكفّهم عن الطعام والشراب وما إليهما أكثرَ يومِهم .. ولم يجعلْ عليهم في ذلك رقيباً إلا أنفسَهم ومن إيمانِهم باطلاع الله عليهم .. فأيةُ تربيةٍ للإرادة القوية والعزيمة الماضيةِ أنفذُ من هذه التربية ؟! وأيةُ رقابةٍ أدقُّ وأوفى من هذه الرقابة ؟؟ ولأمرٍ ما أشارت الآيةُ الكريمة إلى ذلك في قول الله تعالى ( لعلّكم تتّقون ) .

   وحسبُ المؤمنِ أن يتدربَ تدريباً عملياً على قوة الإرادةِ ومضاءِ العزيمة ليكون عضواً نافعاً في الحياة، وإنساناً صالحاً في المجتمع .. فإنما يُؤتى الناسُ أكثرَ ما يُؤتَون من ضعفِ النفوس ، ورخاوةِ العزائم وانحلال الإرادات ، والتقيدِ بقيود الوهم، والوقوفِ عند رسوم العادات . ويومَ يتحرّرُ الإنسانُ من قيدِ وهمِه وسلطانِ عادتِه، ويملك أمرَ نفسِه ، يكون قد ملكَ بذلك كلَّ شيء .

   فيا أيها المسلمون: أدّوا فريضةَ هذا الشهرِ كاملةً غير منقوصةٍ بالصوم والصون معاً .. فلا تَجرُؤوا على معصية الله بالإفطار سراً أو جهراً . ولا تُبطلوا صومَكم باللهو والعبثِ والإثمِ والعصيان .. لعلكم تشكرون ..