تأبى الفواجع أن تنتهي في البلد الجريح ، وتأبى الحوادث الأليمة أن تبرح قلوب العراقيين ، فهي تحل في ديارهم ليل نهار وتساكنهم في كل دار ومشوار ، وتأتي مجزرة ( جبلة ) بالأمس في هذا السياق الكارثي علامة ظاهرة على الإنفلات الأمني وروح الإجرام التي طفقت تتغلغل في أوساط المجتمع بوجوه قبيحة شتى ، تُنذر بتدمير النسيج المجتمعي وتهديد السلم الأهلي ، ما لم يتم تداركها بوسائل عملية جادة وإرادة إصلاحية صلبة ، يتعاون عليها المخلصون وتتكاتف فيها جهود الدولة والسلطات والمنظمات ، وبإسناد شعبي واعٍ يتجاوز حدود الطائفية والعنصرية المقيتة ، وفي ظل الحفاظ على القيم الانسانية وفي مقدمتها احترام الانسان وصيانة كرامته التي تكفلها الأديان والشرائع والقوانين والأعراف الدولية .
إن المذبحة الوحشية التي تعرضت لها العوائل في ( جبلة ) تمثل صورة جديدة من العنف واستخدام السلاح المنفلت في فضّ النزاعات ، فلا ينبغي الاكتفاء إزاءها بعبارات الرفض والإدانة ، بل لا بد من وقفة حازمة ، ولا يكتفى فيها بتشكيل لجان التحقيق ما لم تصل الى نتائج حاسمة ، تكشف من خلالها خيوط الجريمة ، وتفتضح عبرها كل الجهات المشبوهة التي تقف وراءها ، ثم إنزال العقاب العادل بالمجرمين وردع الفاعلين العابثين .
إنّنا في حركة العدل والإحسان نرفع صوتنا بالاستنكار الشديد لهذا الحادث الأليم ، وندعو بالرحمة للضحايا الأبرياء ، ونُهيب بالحكومة وأجهزتها الأمنية أن تنهض بمسؤولياتها في حفظ أمن البلاد وسلامة العباد .