اللغة العربية الجميلة ، حُقّ لها أن تحتفي الأمم المتحدة بيومها العالمي ، وأن يحتفل العالم بمكانتها بين اللغات ، فهي أغنى اللغات ، وبلغت بفضل القرآن الكريم من الاتساع والانتشار مدى واسعا لا تعرفه أي لغة أخرى ..
لغة ٌحَباها اللهُ حرفا خالدا فتضوّعت عَبقا على الأكوان
أنها لغة الكتاب الخالد ، تستمد علوها وعلياءها من كلمات الله التي لا تنفد ، واكتسبت رونقها وبهاءها من آيات خطاب الرب الجليل لعباده ، إنها لغة الشعائر والمشاعر ، لغة الحضارة والانجاز ، لغة الفن والجمال ، خلدتها آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في الشعر والنثر والعلوم والآداب ..
أنا البحرُ في أحشائهِ الدّرُّ كامنٌ فهل سألوا الغواصَ عن صَدفاتي
وسِعتُ كتابَ اللهِ لفظا وغايةً وما ضِقتُ عن آيٍ بهِ وعِظاتِ
ويأتي الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية هذا العام تحت شعار ( اللغة العربية والتواصل الحضاري ) للتعبير عن الدور الأمثل الذي تؤديه هذه اللغة الحسناء في مد جسور التواصل بين الشعوب عبر منابر الثقافة والعلم والأدب ، والدور التاريخي في استحداث المعارف وتناقلها ، وقناة الارتقاء بالحوار وإثراء خطاب السلم والسلام لا تحدها حدود الزمان والمكان ..
للهِ درُّ لسانِ الضاد منزلةً فيها الهدى والندى والعلمُ ما كانا
وإننا إذ نحتفل بهذا اليوم الجميل نؤكد على ان اللغة ليست تراثا نفخر به وحسب ، بل هي الهوية التي تمتاز بها الأمة وركن من أركان التنوع الثقافي البشري ، يحفظ خصوصيتها ، باعتبارها إحدى اللغات الحية الأكثر انتشارا في العالم ، ما يتطلب منا إذكاء الوعي بأهميتها وتاريخها ، والحفاظ على سلامتها ، والاعتزاز بالانتماء اليها ، وهذا شأن كبير ينبغي أن تضطلع به المدارس والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام ، ويتولاه المجتمع عملا بالوصية العمرية ( تعلموا العربية فإنها من دينكم ) ، ولا يجوز التخلف عن هذه المهمة فتضيع بصمة الأمة :
أيَهجرُني قومي ، عفا اللهُ عنهم الى لغةٍ لم تتصّل برُواةِ
ويقع على عاتق مجامع اللغة العربية دور هام في رصد استخدامها لغة للعلم ونقل المعلومات وتدقيقها وتوثيقها وبيان قدرتها على التواصل الحضاري عبر امتداد الأجيال ، والتأكيد على دور القرآن في حفظ العربية ونشرها وانتشارها ، والوقوف بوجه دعوات التغريب والعولمة الثقافية بكل أشكالها .
حركة العدل والإحسان في العراق
14 / جمادي الأولى/ 1443 هـ
18 / كانون الأول / 2021 م