المغيبون .. المعتقلون .. الإخفاء القسري .. المفقودون .. عناوين حالكة تضم تحتها الآلاف من الأبرياء ، الذين اختطفتهم أياد آثمة تحت سطوة القوة الغاشمة أو مكائد المخبر السري .. عبر سنين طويلة من الظلم والظلام والتنكّر لأبسط المعاني الإنسانية والقيم والمبادئ الدينية .
وقد يكون للقضية أبعاد سياسية أو طائفية مذهبية ، أو تداعيات أمنية أو غير ذلك مما يعقّد المسألة ويجعلها محلاً للمساومات حينا أو الإبتزاز حينا آخر أو التنكيل والإرهاب أحيانا .. إلا أن البعد الأهم في القضية هو البعد الإجتماعي ، وهو الوجه الأكثر مأساوية من هذه القضية الشائكة .. ذلك أن هؤلاء المغيببن والمعتقلين ليسوا أفرادا فضائيين ، فلا يؤبه لمصيرهم ولا يلتفت الى أحوالهم .. بل هم أناس لهم روابطهم الاجتماعية ( العائلية والعشائرية والوطنية ) المعتبرة التي يترتب عليها الكثير من الحقوق والواجبات ، وقد تمّت مصادرتها وتغييبها في غياهب السجون ووراء الأسوار .. فلم يعد لعوائلهم معيل ، ولا لشؤونهم وذويهم من يرعاهم .. وقد تقطعت بهم الأسباب .. مما يتطلب أن ينهض المجتمع بمسؤولياته تجاههم ، وأن تتبنى شرائحه ومنظماته قضيتهم ، حتى إذا تخلى السياسيون أو الماسكون بزمام الحكم عن دورهم أو أسقط في أيديهم فلم يجدوا حلاً ، كان لزاما على المجتمع أن يلتفت باهتمام كبير الى هؤلاء ، فيكوّن جبهة مجتمعية ، طلائعها حملة ( وينهم ) ، تتولى الضغط على السلطات الحاكمة لتنفيذ خطة إنقاذ وإغاثة ، والاستجابة الفورية للمطالب التالية :
- الكشف عن واقع المغيبين والمعتقلين والتعرف على أعدادهم وأسمائهم ومواقع احتجازهم .
- السماح للهيئات والجمعيات المعنية بحقوق الانسان بزيارتهم وتفقد أحوالهم ، والإطلاع على طبيعة معاملتهم .
- البت العاجل بحسم قضاياهم ، والإفراج الفوري عمن لم تثبت بحقهم أية تهمة أو جريمة ، وشمولهم بقانون العفو العام .
- السماح لذويهم بزيارتهم واللقاء بهم ، وإغاثة لهفة أهلهم والاطمئنان عليهم .
- إنصافهم بتعويضهم ماديا عما لحق بهم من الأضرار المادية والمعنوية .
- محاسبة القائمين والمتسببين العابثين بمصائر الأبرياء وتقديمهم للعدالة ، والكشف عمن يقف وراءهم .
هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، ولحين تنفيذ هذه المطالب ، فلا ينبغي للمجتمع أن يقف مكتوف الأيدي عن رعاية عوائلهم والقيام على شؤونهم ، فإن لهم احتياجات وحاجات يعجزون عن تحقيقها بسبب ظروفهم المعيشية القاسية .. لذا فلا بد أن يقوم المجتمع بحملة تضامن وإعانة ضخمة ومستدامة ، تشعرهم بتبني قضيتهم مجتمعيا ، وتظهر التكاتف والرعاية الأخلاقية لهم ولذويهم، فإن ذلك من أسباب رفع الظلم والعدوان الذي لحق بهم ، وهو واجب كل مخلص يرجو الله واليوم الآخر .
إن ترك القضية دون اهتمام مجتمعي يعرّض السلم الاجتماعي الى الخطر ويهدد أمن وسلامة البلاد والعباد ، ويؤدي الى آثار مأساوية في بنية المجتمع ، الذي سيقع تحت طائلة العقاب الإلهي ( واتقوا فتنة لا تصيبَنّ الذي ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) .. وإن الفتنة تشتد كلما طال عهد الظلم وامتدت أيام العدوان وهضم الحقوق .. وتكون أشد كلما تغافل الناس عن المظلومين والمغيبين ، وما ينبغي لمن كان له قلب أو شعور انساني سليم إلا أن ينادي بأعلى صوته ( وينهم ؟ ) ويمد يد العون والمساندة لهم ولعوائلهم ومن يعولون .. حتى تتحقق العدالة والإنصاف ، وتنكشف الحقيقة ..
( ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد . يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد )
حركة العدل والإحسان في العراق
9 / شوال / 1441 هـ
1 / حزيران / 2020 م