الرجل الصامت

0
1411

المولد والنشأة

ولد عام 1952م في قرية زراعية ضمن قضاء المحمودية جنوب العاصمة، وفي مركز القضاء درس الابتدائية واكمل في  ثانوية المحمودية للبنين، ثم التحق بعد ذلك بمعهد الاتصالات السلكية والاسلكية ليحصل على الدبلوم ويمارس عمله الوظيفي في احدى دوائر الدولة انذاك.

نشأ محبا لدين الله ومرجع ذلك ان والده كان احد قراء القران الكريم في المدينة مما غرس فيه حب التلاوة والذكر منذ بداية حياته التي قضاها في ارتياد المساجد على الرغم من التحديات الامنية التي تحيط بالمساجد وروادها انذاك.

الدعوة… طريق النجاح

تأثر بمنهج الحركة الاسلامية وانضم لصفوفها منذ بداية السبعينات كدعوة وطريقة لتبليغ رسالة الاسلام، وتأثر بابناء هذه الدعوة المباركة ومنهم الشيخ الشهيد محمد طه السامرائي الذي كان يلازمه في مسجد حي الموظفين، وانتجت هذه الصحبة ثمراً طيباً حيث مثّل الحاج خميس لمنطقته رجل دعوة وحامل قضية، يتواصل مع اخوانه بالاشاد والتوجيه وبذل المعروف، ويسعى الى معونتهم ماديا ومعنوياً ما وجد سبيلاً الى ذلك.

تواصل مع الدعاة من جميع مناطق العراق وصحب الشيخ الداعية عبد الكريم رميض رحمه الله الى جنوب العراق للوعظ وتوجيه الناس نحو العقيدة الصحيحة ونبذ الاهواء والبدع التي انتشرت في اوساطهم نتيجة الجهل.

كما استثمر الكثير من المناسبات الاجتماعية لا سيما الافراح مساحة لنشر الدعوة بين الصغار والكبار على حد سواء، فكثيراً ما وقف واعظاً الناس في احداث مختلفة عن ضرورة الالتزام بالدين والعمل على نشر الفضائل في المجتمع، فهي السبيل الوحيد لقيام مجتمع يحقق معاني السعادة في الحياة.

طلب العلم… غذاء الروح

تمتع الحاج خميس رحمه الله بهمة عالية في طلب العلم ولم يقعده المرض او تقدم السن عن حضور مجالس العلم، فكان مواظبا دروس الشيخ المحدث صبحي السامرائي في جامع البنية، لكنه لم يكمل اخذ الاجازة بالسند المتصل بسبب ظروف الاحتلال، وكذلك حضوره الدائم لحلقات العلم الشرعي التي تقام في مساجد المحمودية وبشكل متتابع على مدار السنة.

وبالرغم من اصابته بشلل رباعي الا انه واصل تعليمه الجامعي في كلية الشريعة وتخرج منها، وعمل خطيبا في عدة مساجد كان اخرها جامع النور الذي ترك منبره حين اشتد به المرض فلم يعد قادراً على تأدية هذا الدور.

الرجل الصامت

جاءت هذه التسمية على لسان الاديب الشهيد عمر محمود عبد الله حين وصف رحلته من الموصل الى البصرة، وكانت مدينة المحمودية احدى محطات الاستراحة لتلك الرحلة الطويلة وجاء فيها ” كل الجالسين شاركوا في الحديث وسألوا الاستاذ الا رجلاً واحداً صامتاً لم ينبس ببنت شفة، ويصوب اليه نظراته الحادة، حتى اوجست في نفسي خيفة منه… ماذا يريد هذا الرجل ؟ لماذا اختار الصمت ؟ لم يجب حتى اصدقاؤه الذين كانوا يلقون ببعض النكات، ما زالت الدهشة في اعيننا، انه يتمتع بضبط نفس عجيب، لم يضحك بالرغم من الطرائف التي القيت، وفارقناه ولم نعرف سرّ صمته مع ما انطوت عليه نفسه من ثقافة وحكمة، لكنه اعجبني فهو ياخذ اكثر مما يعطي”.

موعد مع الشهادة

اليوم هو الخميس 19/5/2005 م حيث كان الحاج خميس مدعواً لحضور عرس ابن اخيه، وبعد انتهاء مراسيم الزفاف رجع الحاج خميس الى منزله، واذا بقوات الاحتلال تنصب كيمناً وبدون مقدمات اطلقوا النار على السيارة التي تقله مع عائلته فاستشهد هو في الحال، بينما جرح باقي افراد الاسرة، ولم يكتفوا بجريمتهم هذه بل ذهبوا الى بيته وبيت اخيه وفتشوا بيوتهم الى الرابعة صباحاً واعتقلوا افراد الاسرة لمدة ثلاثة ايام.

رحم الله الحاج خميس بواسع رحمته، ونسأله سبحانه ان يكرم نزله، وان يلحقه بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقاً.

أترك تعليقاً

Please enter your comment!
Please enter your name here