المولد والنشأة:
ولد عام 1963 في ( قرية زهرة ) بمحافظة ديالى، بين تلك البساتين الجميلة والنخيل الباسقات ودواوين اجداده التي تعلم منها الفصاحة وادب المجالس، اذ كان لها بالغ الاثر في نشأته ودخوله حقل العمل الاسلامي فيما بعد.
انتقل بعد ذلك الى بغداد ليكمل مسيرة التعليمة وهو تلميذ ملتزم بين اقرانه حريص على التعلم، فاكمل الدراسة الاعدادية والتحق بكلية الهندسة في الجامعة التكنلوجية عام 1989، وبعد التخرج انتقل الى المحمودية وسكن في المجمع السكني بحي القادسية حيث عمل في احدى منشات التصنيع العسكري انذاك.
ان شخصية اياد العزي كانت متميزة لان نشاته وتربيته مرت باطوار متعددة، فقد نشأ في قرى مدينة ديالى وفي وسط ريفي، جلس فيها في دواوين اجداده فتركت اثرا في تكوين شخصيته، وكان للبساتين وللمزارع اثر في تقتح افاق الجمال في نفسه مما وسع مداركه ليبحث عن سر الجمال الحقيقي للكون ولمعاني الحياة اللذان لا يتمان الا بمنهج السماء الخالد، ثم كان لانتقاله للمدينة في بغداد اثر في صقل شخصيته وباختلاطه باوساط الشباب وعيشه معهم بعد اخر، اعتقد انه السر الذي يقف خلف قابليته على استيعاب الشباب مستقبلاً.
وكان لدراسته للهندسة وعمله في التصنيع العسكري وشغله لعدة مناصب فيه ولمنهجه العملي الواقعي اثر في اجادته للادارة في المواقع التي تسلمها في ميادين الدعوة والعمل المؤسسي.
كان مولعاً بالقراءة منذ ان كان صغيراً، وقرأ لافكار كثيرة وتيارات فكرية متناقضة ومتعددة، لذلك كان اختياره للاسلام كمنهج لحل مشكلات الواقع متأتياً عن قناعة وعن يقين ان حل اشكاليات الواقع من خلال المنهج الاسلامي الوسطي، فقرر ان يقضي عمره في هذا الطريق حتى توفاه الله تعالى شهيداً باذنه وهو على هذا الطريق، فكان لا يفوت فرصة الا ويغتنمها دعوياً، يعينه في ذلك شخصيته الآسرة وصدقه وحرصه على دعوته التي تترك اثرها على من يتعرف عليه وتترك اثرا في نفسه.
اعتكاف دعوي:
حرص الشيخ المهندس ان يجعل من جلوسه في المسجد بين صلاتي المغرب والعشاء منطلقاً له في الدعوة والتاثير بين المصلين، وحثهم على العمل الصالح والتكاتف لنصرة الدين، وصناعة المسلم الذي يستحق ان يكون خليفة الله في الارض، وكان من ثمرة هذا الجهد جيل من الشباب آمن بالله وقدم نفسه كحامل للمشروع الاسلامي، وقد حمل هؤلاء الفتية بفضل الله راية الحركة الاسلامية في ربوع العراق وكل حسب اختصاصه.
الداعية الجوال:
عرف عن ابي سارة كثرة التنقل بين القرى والارياف والاماكن النائية بغية نشر الدعوة وتعليم الناس، وكان يذهب بنفسه الى اماكن بعيدة لا يصلها الخطباء والوعاظ في العادة، فتحرك في عموم مدن الجنوب العراقي مثل الديوانية وواسط والعمارة وصولا الى السماوة فضلا عن حركته الدائبة في المحمودية واللطيفية ومساجد مدينة الحرية وسط بغداد.
امتاز اداء الشيخ اياد بالمبادرة، فتراه يقوم بالقاء خطبة او درس دعوي في كثير من المساجد ذات السكون الدعوي، وكذلك همته العالية في تربية الشباب في مناطق كثيرة من العراق وجعلهم نواة للعمل والانطلاق في مناطقهم وما جوارها من الاماكن الاخرى.
في قافلة الدعوة:
التحق ابا سارة بركب الحركة الاسلامية نهاية الثمانينات، وكان لدراسته الشرعية بالغ الاثر في تنمية شخصيته الدعوية، فكثيراً ما توقف عند تفسير الايات، واخذ العبر من السنة مع ربطها بالواقع المؤلم الذي تعيشه الامة بشكل عام والعراق على وجه الخصوص.
تولى الكثير من المهام الدعوية كلها في آن واحد، واستطاع – بفضل الله – ان يوفق فيها جميعاً، فقد تولى الدعوة والارشاد، واظهر نشاطا متميزاً في شؤون العشائر وما يتطلبه ذلك العمل من زيارات متكررة وعمل دؤوب.
معسكر التضامن:
حين اشتدت الاعتقالات وبلغت القلوب الحناجر، واستوطن الاحباط في بعض النفوس، تقدم العزي رحمه الله بفكرة الاعتصام امام سجن ابي غريب لمطالبة قوات الاحتلال بالافراج عن المعتقلين، وكانت الاجواء انذاك في الصيف اللاهب، حيث كان يتحرك بين الخيام يحث الاخرين على الثبات والدعاء ورفع الصوت اشعاراً للمعتقلين بمشاركتهم محنتهم، ولم يرض الانصراف حتى انفض الاعتصام وقد حقق نتائج طيبة بالافراج عن اعداد من المعتقلين هناك.
بين القول والعمل:
لا يمكن لاي صاحب فكرة ان يكون مؤثراً بين الناس الا اذا اقترن قوله بعمله، وهذا مفهوم الاستقامة بشكل عام، والمنهج الاسلامي اولى بهذا من غيره من الدعوات، لان القران الكريم تحدث عن فشل هذه الدعوات ان بقيت في نطاق القول المجرد، قال تعالى:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)” ( الصف 2، 3 )
والمتأمل لشخصية العزي رحمه الله سيجد وبشكل لا لبس فيه انه اتبع القول بالعمل، ولم يكن هاتف شعارات، بل كان نموذجاً مجسداً لما يدعوا اليه من قيم ومبادئ، فحين كثر ظلم الاجهزة الحكومية للعباد في منتصف عام 2005 تداعت اصوات المخلصين الى نصرة المظلوم، فبادر بعدة اجراءات، ومنها ظهوره في الفضائيات يدعو فيها للافراج عن المعتقلين، وكذا تخصيص ساعة يومياً على اذاعة دار السلام لتلقي اتصالات وشكاوى الناس والمساهمة في حلها، كما صنع رأياً عاماً على المستوى المحلي بصرورة الضغط على الحكومة لكف اذى اجهزتها عن الناس.
في ركب الشهداء:
توجه اياد العزي الى عامرية الفلوجة لالقاء محاضرة جماهيرية، وحصل ذلك وتم على افضل وجه، وبعد الانتهاء من المهمة الدعوية توجه الشيخ بالعودة الى بغداد عصر يوم 28/11/2005، وعند وصول السيارة التي يستقلها مع الاخوة ( علي وتحسين ) كانت رصاصات الغدر بانتظارهم عند جسر العناز، لتكون تلك الطلقات مهراً مقدماً الى الجنان والحور العين، وليسطر بدمه الزكي وثيقة الثبات على دين الله والتصحية في سبيله.
فرحم الله شهيدنا المقدام واسكنه الجنة مع خير الانام صلى الله عليه وسلم.