موسم الطاعة .. واجبات وحقوق
إعداد / الدكتور منير السامرائي
هذه الأيام والليالي الرمضانية واحةٌ في صحراء العمرِ المُجدِب ، يحفُّها المولى برَوحٍ منه وريحان ، ومغفرةٍ ورضوان ، وتكرّم وامتنان لمن وقف ببابه وخشع لجنابه ، ودعاه واحتمى به ، وسأله فألحّ في السؤال ، ودعاه فأخلص في الدعاء .
ولهذا الموسم من مواسم طاعاتِ الله تبارك وتعالى صنوفٌ من العبادة تختصّ به ويختصّ بها ، وتكون جمالاً لأوقاته وزينةً لساعاته .. والطاعةُ في كل وقت جميلة ، وهي في هذا الشهر أجملُ ، وثوابُها عند الله جزيل ، وهو فيه أعظمُ وأجزل ..
أيها المسلمون .. قد أظلكم شهرُ رمضان ، وفيه ركن من أركان الاسلام ، وإنّ عليكم فيه لواجبات ، وله منكم حقوقا :
أولها : أن تتهيّأَ النفوسُ لاستقباله بالتوبة الصادقة النصوح ، والتطهيرِ الشامل الكامل ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبةً نصوحا ) ..
ثانيها : الحرص على صومه حسياً ومعنوياً ، بمعناه الفقهي بالامتناع عن المفطّرات وكفِّ الجوارح عن الآثام والمنكرات ، وبمعناه الروحي بحبس النفس والفكر والإرادة والشعور والوجدان عمّا سوى الله تبارك وتعالى ، والتقربِ إليه بما يُرضيه ، وصدقِ التوجّهِ ودوامِ التأمّل ، وكثرةِ الذكر والتفكر في ملكوت الأرض والسموات .
ثالثها : الإكثار من الطاعات ، وبخاصة البرَّ والإحسان ، وتلاوةَ القرآن .. فهو شهرٌ تسمو فيه دائماً الاعتباراتُ الروحيةُ على القيم المادية .. والله تبارك وتعالى يضاعفُ فيه مثوبةَ المتصدّقين ، وهو شهر القرآن يرفعُ الله فيه درجات التالين المتدبرين .
رابعها : المحافظة على صلاة القيام ، ومناجاة الملكِ العلاّم ، فمن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه .
وخامسها : الدعاء والاستغفار ، إذ هو شهر تُفتّح فيه أبوابُ الإجابة ، ويتقبّل الله فيه التوبةَ من التائبين ، ويضاعفُ أجر العاملين المخلصين .. وللصائم – فيه – دعوةٌ لا تُردّ ..
فيا أيها المسلمون .. هذا رمضان بين ظهرانيكم فاحرصوا على ألا تفارقَكم لياليه المباركاتُ وأيامه الطيباتُ إلاّ وقد تزوّدتم فيها بما يرضي اللهَ عنكم ، ويستدرُّ رحمتَه لكم في دنياكم ، ومثوبتَه وحسنَ جزائه في أخراكم .. ( وتزودوا فإن خير الزادِ التقوى ) .. ( إنما يتقبل الله من المتقين ) ..
اللهمّ ألهمنا البرّ والرشاد ، ووفقنا للخير والسداد .. إنك أهل التقوى وأهل المغفرة ..