حرب المصطلحات – 4

0
1310

القسم الثالث – في الفكر الاسلامي

أولا – في التوحيد  والنبوة والفقه :

  1. أول الاسماء اسم الله عز وجل فهو الاول . وله جل ثناؤه الاسماء الحسنى (ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها) . وتوحيده تبارك اسمه هو توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات . والايمان بأسماء الله وصفاته التي اخبرنا بها واجب , وهي كثيرة لكنها توقيفية , فينبغي الا يسمى الله تعالى ولا يوصف الا بما سمى ووصف به نفسه سبحانه .. ودعاؤه بها مطلوب ، وجحودها الحاد .
  2. ولله تعالى الاسم الاعظم الذي اذا دعي به اجاب . ولايزال المؤمنون يجتهدون في تعلم الاسماء الحسنى بمعانيها ومقتضياتها  ويتحرون ،  مما يحصل بالاجتهاد فيه خير كثير . كما في تحري ليلة القدر في رمضان  وساعة الاجابة يوم الجمعة .
  3. وسور القران الكريم تبدا بالبسملة سوى سورة براءة . و كل عمل لا يبدأ بالبسملة عمل اقطع كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
  4. وللنبي صلى الله عليه وسلم أسماء كذلك منها ” محمد “، و ” أحمد ” وردت في القرآن الكريم ، وجاء في أحاديث صحيحة : ( إِنَّ لِي أَسْمَاءً : أَنَا مُحَمَّدٌ ، وَأَنَا أَحْمَدُ ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِيَ الْكُفْرَ ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ ) البخاري (4896) ومسلم (2354 ) ، وصنف العلماء في أسمائه صلى الله عليه وسلم مصنفات كثيرة .
  5. والتسمية بذكر الله من احكام التذكية الواجبة في الذبائح ويقابلها حكم تحريم اكل ما أهلّ به لغير الله .

ثانيا – اختيار الاسماء :

  1. ومن حق الابناء على الاباء حسن اختيار الاسماء فلكل امرئ من اسمه نصيب ، وحرم الاسلام التنابز بالألقاب وجعل من الكرامة في ثواب الآخرة ان يدعى المرء يوم القيامة بأحب اسمائه اليه .
  2. وبعض الاسماء قد تتميز بنوع من التعظيم والتوقير او بالمقابل بالمهانة والتحقير، وكذلك الاوصاف . فان كان ذلك بحق كان محمودا والا فباطل مذموم . واطلاق الاسماء ومنح الصفات شهادة ، فان جاوزت حدها اضحت ضربا من العبادة .

قال تعالى : (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) الاعراف (71)  (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى) النجم (27)

(وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) الزخرف (19)

ثالثا – أدب الخطاب :

  1. وكما ان الله تعالى علم آدم الاسماء كلها ، فقد علم المؤمنين ادب الخطاب ، وصانه ان يكون ميدانا للعبث والتلاعب ، سواء ما يتعلق بالتوحيد والاقرار بالإيمان ، او بالأحكام الشرعية التي تترتب على المسمى أو صفته ، اذ الحكم على الشيء تبع لتصوره   .  فنهى المؤمنين عن قول راعنا . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة (104)
  2. وذم تحريف الكلم عن مواضعه وسمى التلاعب بالألفاظ لياً ، وقرنه مع الطعن في الدين . (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً) النساء  (46)

رابعا – التلاعب بالألفاظ :

  1. وحارب الربا وذم من سماه أو وصفه انه بيع ، فذلك لا يغير شيئا من حقيقته وحكمه بأنه حرام . وينطبق ذلك على الاسماء المحدثة الجديدة كالفائدة المصرفية وغرامة التأخير وخدمة الديون واشباهها .
  2. وقد حرمت الشريعة الغراء الخمر وعدتها من الخبائث ، لذا فان تسميتها بالمشروبات الروحية أو الاسماء المتسترة او المكشوفة التي تدل على نوعها او مصدرها ، لا يغير من حقيقتها ما دامت خمرا . وتنطبق الحرمة كذلك على ما يشترك معها في الوصف كتعاطي المخدرات وان خالفتها في التسمية . وحذر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف ان الناس سيشربونها ويسمونها بغير اسمها . ( لَيَشْرَبَنَّ أناسٌ من أُمَّتي الخمرَ ، يُسَمُّونَها بغيرِ اسمِها ) .
  3. وكان ابليس أول من خادع بالأسماء ، فقد سمى الشجرة المحرمة بشجرة الخلد غواية لادم عليه السلام . وما زال أهل الكتاب يقولون انها شجرة العلم او المعرفة ، فجمعوا الى حرمانهم من نعمة الهداية بالوحي ، حرمانهم من الهداية بنتاج العلم ، بعد اذ جعلوه جهدا بشريا ليس فيه توفيق الهداية .

خامسا – مصطلحات مميزة :

  1. وللإسلام مفرداته ومصطلحاته المميزة . منها ما ورد في الكتاب والسنة وكانت معروفة في لسان العرب . الا انه اصبحت لها دلالة أخص من دلالتها اللغوية العامة . كمثل الصلاة التي تعني الدعاء لغة ، وأصبحت تطلق على العبادة المخصوصة بقيامها وركوعها وسجودها . والزكاة التي تعني النماء والطهارة لغة ، وتعني الحق المفروض في المال اصطلاحا . فلا يجوز تسميتها أو وصفها انها ضريبة او جزية مثلا . والايمان الذي يعني التصديق لغة ، وفي المصطلح الاسلامي هو اقرار باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان . ونتج عن عدم استيعاب المفهوم الاسلامي والاقتصار على حرفية المعنى اللغوي ، بدعة الارجاء مثلا لدى المرجئة الذين اخروا الاعمال عن مسمى الايمان .والارجاء لغة هو التأخير .  ومنها الحج الذي يعني القصد لغة ، واصطلاحا هو الشعيرة التي تمثل ركنا من اركان الاسلام  .  ويروج اليوم ذكر السياحة الدينية ، وشتان بينها وبين الحج الذي هو ركن من أركان الاسلام وعبادة ، وبين السياحة ومن مفهومها المتعة ، ويأتي استخدامها في سياق التقارب وتمييع  الفروق بين الاديان .
  2. وقد نشأت في ظل الاسلام اسماء ومصطلحات لم ترد في الكتاب والسنة ، كمثل العقيدة ازاء مصطلح التوحيد .  ومع عدم ورودها  فان هذه المصطلحات لقيت القبول من قبل العلماء وشاع استخدامها . وما لم يكن فيها ما يخالف الثوابت والاصول بوضوح ، فلا حجة لمعترض انها لم ترد في القرآن والسنة مثلا .

سادسا – مصطلحات طارئة :

اما ما نشأ من خارج الاسلام فمعالجته اشد صعوبة . فعندما انتشر الاسلام وبدأت حركة الترجمة عن كتب اليونان وغيرهم ، طرأت معتقدات وفلسفات والفاظ دخيلة . وانساق بعض الناس في مجاراة الجديد وبدأ الحديث عن الجوهر والعرض والقديم والحادث والعقل الاول . ولئن كان مثل ذلك مقبولا في نقاش الماديات فانه مرفوض في الالهيات لأنه احدث بدعا في التوحيد ، فبدأت بدعة القول بخلق القران من المعتزلة  ونفي الصفات من قبل الجهمية ، ولم يثبت الا من اعتصم بالكتاب والسنة كالإمام احمد بن حنبل رحمه الله . ونشأ من ذلك علم الكلام والاشتغال بالفلسفة والمنطق . .


سابعا – مصطلحات فارقة :

ومن المهم معرفة الفروق في المصطلحات بين ميدان واخر وتغيرها كذلك من زمان لآخر . فمصطلح السنة مثلا يختلف في لغة المحدثين عنه عند  الفقهاء او الاصوليين . ومصطلح المكروه في لغة المتقدمين يختلف عنه في لغة المتأخرين . وقد اختلف بعض علماء اللغة انفسهم كالخلاف المعروف بين الكوفيين والبصريين ، وبشكل أعم بين النحاة في مسائل منها  الترادف ودلالات الالفاظ والاشتراك ووقوع المجاز وغيرها . وتذكر كتب النحو ان ابن خالويه قال في مجلس سيف الدولة  انه يحفظ  خمسين اسما للسيف . فتبسم ابو علي الفارسي وقال اما انا فلا أحفظ الا اسما واحدا وهو السيف . فقال ابن خالويه فأين المهند والصارم وكذا وكذا ؟ فقال ابو علي : هذه  صفات .

ثامنا – مصطلحات محذورة :

  1. وللإسلام مفرداته ومصطلحاته المميزة التي أكد العلماء والمفكرون المعاصرون على اهميتها وفي وقت مبكر . و منهم المفكر الكبير الراحل انور الجندي الذي افرد لها كتابه ( مَعْلَمة الإسلام ) ، في جزئين وهو دائرة معارف إسلامية جامعة ، تختص بالمصطلحات وتربط بين الأصالة والمعاصرة ، وتضم 99 مادة ، أي مصطلحًا ، في مختلف الجوانب . ومنهم عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني في كتابه كواشف زيوف في المذاهب الفكرية المعاصرة . والدكتور محمد عمارة في كتابه معركة المصطلحات بين الغرب والاسلام . والاستاذ المودودي الذي كتب عن المصطلحات الاربعة في القران ، وفصًل في كتاب الجهاد في الفارق الكبير بينه وبين مصطلح الحرب المقدسة ، وغيرهم كثير .

وقد الف عدد من العلماء في المناهي اللفظية كذلك ، وجمع كثيرا منها الشيخ  بكر بن عبد الله أبو زيد في  معجم المناهي اللفظية وفوائد في الألفاظ فيهما نحو من الف وخمسمائة لفظا .

  1. من المصطلحات التي ينبغي اعتمادها عند الحديث : النصرانية والتنصير لا المسيحية والتبشير، لأن النصارى الذين يتحدث عنهم القرآن الكريم هم موحدون من اتباع عيسى عليه السلام ، اما المسيحية فقد تشكلت في احدى صورها بعد خمس قرون من المسيح عليه السلام ، وجمعت بين اليهودية والوثنية وتحريف للنصرانية من مجموع تعاليم بولس (ت 67م) وبنيت على التثليث الهندي ثم نسبت الى المسيح . وقد نبه على ذلك عدد من المفكرين منهم عمر فروخ .

أترك تعليقاً

Please enter your comment!
Please enter your name here