المولد والنشأة :
ولِد الاخ قصي في مدينة الأعظمية عام 1950 م ، وترعرع فيها وتتلمذ في مدارسها ، وبعد إكماله الاعدادية تقدم الى كلية الهندسة في القسم المعماري وتخرج بتفوق ، وقد مارس اختصاصه من خلال الاعمال الحرة .
اللقاء الاول :
ذهبتُ اليه في بيته لتسلم مقالة بعنوان ( دعوة الصمت ) وكنت حينها مندوب مجلة النور ، وبعد أن طرقت الباب وكان عندها وقت الظهيرة ، خرج وفي يده كوب ماء وقال لي :” أكيد أنك عطشان خصوصاً اننا في تموز ، فاحببت أن أروي ظمأك “، وبعد الجلوس معه وجدته رجلاً داعية من الطراز الاول ، حيث كان موسوعي القراءة ويمتلك ذاكرة عجيبة في الحفظ ، وشغوفاً بعلوم السنة النبوية الشريفة على صاحبها افضل الصلاة والسلام .
نشاط دؤوب :
تميز الاخ قصي بكثر نشاطه ، وكان اولها الدعوية حيث كان يؤم المصلين في العشر الاواخر من رمضان في مسجد ( برهان ملا حمادي ) ويقرأ ما يحفظ حرصاً على حفظ القران الكريم .
يقول احد زملائه في الدعوة :” وجدته يتقرب من شباب المسجد ليتمكن من احتوائهم والعمل على تربيتهم وتعليمهم بما يرضي رب العزة والجلال ، كان الشهيد رحمه الله حريصاً على تعليم من يعرفه العلوم الشرعية ، لكونه ملمّاً بها ، لهذا اراد ان يُتم علمه فالتحق بكلية العلوم الاسلامية فدرس فيها ، وشهِد له من رافقه في دراسته تقوفه في العلوم النحوية والشرعية ” .
وكذلك تأسيسه لمعهد الخطابة ، والذي كان يعنى باعطاء دورات لغرض اتقان فن الإلقاء بالنسبة للائمة وخطباء المساجد ، وحتى العاملين في حقل الدعوة الى الله عز وجل ، وقد جمع لذلك الكثير من المصادر العلمية والتسجيلات الصوتية لغرض اثراء الدورة بجميع الوسائل الممكنة التي تساعد على صقل المهارات .
قطار الدعوة :
التحق الاخ قصي رحمه الله بالحركة الاسلامية مطلع التسعينات ، فكان نِعم الداعية المؤثر لكل من يلقاه او يتقرب منه ، فقد عرفت اروقة جامع برهان ملا حمادي صوته الجهوري وهو ينطق كلمة الحق ، لا يخشى في الله لومة لائم .
وبرز دوره اكثر حين كان يذهب بنفسه الى بعض المساجد التي لا يذهب اليها احد لخطورة الوضع ، فيقوم هو رحمه الله بدور الخطيب ويقدم النصائح والارشاد ، ويوحي بالثبات لمن هناك ، وانه لا أجمل من ان يرحل الانسان من هذه الدنيا وخاتمته الشهادة في سبيل الله عز وجل .
اغاثة اللهفان :
من يستطيع ان يجعل من نفسه مشروع شهادة فمن باب اولى تقديمه لما هو اقل من ذلك من مال ونحوه ، وهكذا دأب الشهيد الرماح رحمه الله ، فحين حصلت نكبة الاحتلال سارع بفتح مكتب الاغاثة لتقديم المساعدات للمحتاجين والارامل ، وتقديم كفالة للايتام حتى انه قال يوماً لبعض الشباب ممازحاً :” ان ما تقدمه الجمعية ليس من مالي الخاص ، بل هو مساهمة من افاضل المسلمين ، ومساهمتي هي تقديم الخبرات الهندسية من رسم للخرائط والاستشارات مجاناً لوجه الله طمعاً في الأجر والثواب ” .
شهيد الغروب :
بعد أن صلى المغرب اماماً بالمصلين في جامع الملا حويش ، امتدت اليه يد المارقين لتطلق على رأسه الرصاص ، فترتفع روحه الى الله شهيداً ، ويحمله اخوانه الى مثواه الاخير وذلك في شهر تشرين اول عام 2006 م .
تغمده الله بواسع رحمته ، واسكنه فسيح جناته