المولد والنشأة:
ولد عام 1977 م في حي البلديات من جانب الرصافة ببغداد وسط اسرة توارثت المناصب العسكرية، فجده الثاني كان ضابطاً في الجيش العثماني، ثم جده الاول على الامر نفسه، ووالده ضابطاً في العهد الملكي، وهو اصغر افراد الاسرة، فنشأ مدللاً في بيت لم يعرف وقتذاك طريقه الى الحياة الاسلامية بعد، اكمل دراسته الابتدائية والثانوية والاعدادية في مسقط رأسه ودخل كلية المنصور للحاسبات وتخرج منها عام 2000 م.
نشأ محباً للمسجد ويرتاد الصلاة في مسجد احمد رؤوف بحي البلديات وهو طالب في المرحلة المتوسطة وذلك نتيجة الصحبة الصالحة، وواظب على صلوات الجماعة لا سيما صلاة الفجر، وتعلق قلبه بكتاب الله وجلس في دورات تحفيظ القران الكريم.
ونتيجة لما تمتع به من مكانة وسط اهله وعائلته ووجدوا فيه الفتى الصالح الذي يواظب على العبادة وارتياد مواطن الصلاح وفي الوقت ذاته من المتفوقين في دراسته ويزين ذلك سمت طيب وتواضع جم غرسته محاريب السجود في نفسه، فاستطاع من خلال ذلك التأثير عليهم ودعوتهم الى دين الله فالتزموا شعائر العبادة، ومكث والده في اخر سِني حياته ميمّماً وجهه نحو المسجد وعبادة الله رب العالمين.
طريق الدعوة:
تأثر الشهيد رحمه الله بدعوة الحركة الاسلامية بالعمل على تحكيم شريعة الله في جميع مناحي الحياة، فانضم اليها عام 1994 م ، ووجد حياته في المسجد فهو مستقره الدائم، فكان عند خروجه من المدرسة يقصد المسجد ويبقى هناك الى صلاة العشاء ثم يعود ادراجه الى البيت، وفي نهاية عقد التسعينات التزم الحضور في مسجد ضيوف الرحمن، وكثيراً ما تحدث له خصومات من بعض الشباب الذين يتهاونون في حضور صلاة الفجر.
ولما اصبح طالباً في الكلية وجدها بغير مصلى، فتحرك مع احدى الاخوات – تقبلها الله في الشهداء – ووجدوا مكاناً يصلح لان يكون مسجداً تقام فيه الصلاة للطلبة والاساتذة، وبعد معارضة قوية من الادارة رضخوا لرغبة ذلك الطالب الذي يريد لشعيرة الاسلام العظمى ان تعم اروقة الجامعة ودور العلم.
الغرفة الدعوية:
امتازت شخصية الشهيد رحمه الله بالكرم وكثرة الانفاق، حتى ان غرفته في البيت كانت مأوى لفقراء المسلمين ولا يمر يوم الا في ضيافته احد من الشباب، كما جعل من هذه الغرفة مكاناً للتسجيلات الدعوية الصوتية التي ما يقارب 1000 محاضرة يقوم بتسجيلها لعدد من العلماء والمشايخ وفي مقدمتهم الشيخ الدكتور محمد عياش الكبيسي، حيث كان يوزعها للاخوة كاستعارة لسماعها على شكل وجبات حتى تشمل اكبر عدد ممكن.
الشخصية الاسلامية:
مما يميز الاخ علي رحمه الله هو توطين النفس وفق مراد الله سبحانه من حيث اداء الواجبات والابتعاد عن موطن الشبهة، فمن حيث الجانب الشخصي كان حازماً تجاه نفسه، ويوطنها على الاخذ بالعزيمة وترك الرخص، ويبغض النميمة والغيبة ويدخل في مشادات كلامية مع بعض الشباب الذين يتهاونون في هذا الجانب الخطير من السلوك.
وفي قضية الدعوة كان يعطيها جل وقته ويراها رسالته الاولى في الحياة لا ينازعه في امرها جمع اموال او انشغال بعائلة او ترفيه، فمعظم تحركاته ان لم تكن جميعها تصب في مصاف كسب الشباب الى المسجد والمباشرة بدورات دعوية مع سعي حثيث الى ديمومتها وتوسعها بافضل الوسائل والامكانيات.
اغاثة اللهفان:
تملك الشهيد يرحمه الله تعالى شعورا بمآسي المسلمين وما يحصل لهم من نكبات، مستذكرا في ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:” مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى”، فحين حصلت معركة الفلوجة الاولى بعد الاحتلال كانت له سيارة ينقل فيها المواد الاغاثية والتموينية الى مدينة المساجد بشكل سبه يومي برغم صعوبة الطريق وتطويق قوات الاحتلال لمنافذ الدخول.
وظل دأبه في تحريك الشباب من حوله مستمراً كلما نزلت نازلة بالمسلمين، فهو يتحرك لاي شئ يمس دعوته ويجعل الموضوع اولى اولوياته، وكأنه المعني الاول والاخير بكل قضية اسلامية يتعرض لها عباد الله في مشارق الارض ومغاربها.
قصة استشهاده:
بعد مجيء الاحتلال البغيض وذنابه، تربصوا بالاسلام واهله فبدؤوا بشن كافة انواع الحروب عليهم من التهديد والتهجير والتصفية، وكان شهيدنا ضمن الواردة اسماؤهم في دائرة الاستهداف، لم تمض سوى ايام قليلة حتى داهمته قوات المليشيات الطائفية وهو في محل عمله واقتادته الى مدينة الثورة، حيث قاموا بتعذيبه وقتله، وبقي اهله واخوته يبحثون لشهر فوجدوه في الطب العدلي وقد مضى عليه ثلاثة اسابيع، وبرغم المدة الطويلة ظل جسمه محافظاً على بياضه وابتسامته تعلو وجهه المشرق.
رحم الله شهيدنا بواسع رحمته، واسكنه فسيح جناته.