المولد والنشأة :
ولد الراوي في مدينة راوة من مدن محافظة الانبار غربي الانبار العراق عام 1949 م ، بين اسرة ملتزمة تربى فيها على يد والده ، فاخذ عنه علوم اللغة العربية ، وقراءة القرآن ، واحكام العبادات في الفقه الاسلامي .
حصل على شهادة البكالوريوس في علوم الارض عام 1974 م ، والماجستير في علم الجيو كيمياء عام 1977 م ، وشهادة الدكتوراه في علم الصخور الرسوبية في عام 1981 م ، وكلها صادرة من كلية العلوم بجامعة بغداد .
رحلة علمية :
اضطر الدكتور عصام الى مغادرة العراق مطلع عام 1996 م ، بسبب الظرف الاقتصادي السيء الذي يمر به البلد الى جانب وضعه الصعب وهو تحت الرقابة المستمرة من قبل اجهزة الامن بسبب نشاطه الاسلامي ، فكانت البداية من اليمن ، ثم انتقل بعد ذلك الى ليبيا التي لم يطل به المقام هناك ، واستقر اخيراً ي اسطنبول ، فعمل في وقف دار السلام لمدة اربعة اعوام 1999 – 2002 م ، وكانت هذه التجربة محط اعجاب لديه حيث تعرف على ( مدارس النور ) عن قرب ، وكيف انها استطاعت صناعة طلبة مسلمين متسلحين بادوات العلوم العصرية ، وبذلك حازوا الشرف كله وهم يجمعون بين الدين والعلم ، وكثيراً ما كان يدعو الى ذلك في محاضراته بضرورة تكرار التجربة على ارض العراق ، ولكن الظروف الاستثنائية التي مر بها البلد حالت دون ذلك .
العودة لديار الوطن :
حين اشتدت الازمة العراقية ، وبدأت ملامح نشوب الحرب على العراق عام 2002 م ، قرر الدكتور الشهيد الرجوع للبلد وتكريس ما تبقى من حياته لخدمه اهله ووطنه ، وباشر عمله استاذاً في كلية العلوم بجامعة بغداد قسم علوم الارض .
وبعد وقوع مصيبة الاحتلال تصدى لذلك الامر بكل ما يستطيع فلم يأل جهداً في فضح ممارساتهم ضد ابناء الشعب العراقي ، وكيف انهم يذبحون كرامة الانسان ذلك الشعار الذي يرفعونه لاحتلال البلاد وسلب الثروات .
الهمة العالية :
يتمتع الدكتور عصام بهمة الشباب في النشاط والعمل ، وهكذا عرفه من حوله ، ففي عام 2003 م ساهم وبشكل فاعل بتأسيس رابطة التدريسيين الجامعيين التي مثلت دور المحامي الذي يدافع عن حقوق الاساتذة ويطالب بانصافهم ان هم تعرضوا للظلم والاضطهاد .
وقد دأب في عمله على المطالبة بالحفاظ على ارواح الكفاءات التي يتمتع بها العراق واعطائهم ما يستحقونه من الاحترام والتكريم .
وكان يصدر عشرات البيانات التي تطالب قوات لاحتلال على وجه الخصوص بالافراج عن اساتذة الجامعات وبشكل فوري .
الخطاب المتوازن :
تميز الدكتور الشهيد بخطاب متوازن ، فهو حين يتحدث عن ظاهرة ما في المجتمع فانه يستعرض اساس المشكلة ومن المتسبب في نشوئها وانتشارها ، ويقترح الحلول المناسبة لذلك ، ولا يُلقي التهم جزافاً كما يفعل بعضهم في احاديث الفضائيات .
فحين حصلت ازمة الدستور وما رافقها من لغط كثير ، كان رأيه واضحاً ان القضايا التي تهم المواطن العراقي هي اكبر من ان تختزل في مواد قانونية ، وهناك مشاكل لا بد معالجتها ، كانعدام الامن ، والفقر ، والبطالة ، والفساد بكل اشكاله .
جاء تحرك الدكتور عصام داخل العراق لا سيما بعد الاحتلال هو من اجل ايجاد ارضية مشتركة للتعايش بين الطيف العراقي المتنوع ، فكان يتكلم في الاوساط العلمية والثقافية باعتبارهم اصحاب التاثير العام في البلد من اجل وضع حد لنزيف الدم وهجرة العقول العلمية خارج العراق.
الرحيل نحو الاخرة :
بعد رحلة طويلة زادها الثبات ، وطريقها المحن ، كان لا بد للجسد ان يستريح من العناء ، وياخذ نصيبه من التكريم في الدنيا قبل لاخرة ، وهذا ما حصل للدكتور عصام ، حيث رزقه الله الهادة على يد مرتزقة مرقوا من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، فقصدوه عند باب منزله صبيحة يوم 30/10/2006 م ليكون له موعد مع السماء رافعاً راية الكرامة .
تغمده الله بواسع رحمته ، وكتب لنا المضي في طريقه … آمين .