أبو زينب … التاجر المسلم

0
1044

المولد والنشأة :

ولد عام 1972 م في مدينة حديثة إحدى أقضية الانبار غرب العراق، من عائلة ترجع الى آل بيت النبوة فهو من بيت الأعراجي، وهناك بدأ حياته الاولى باكمال الدراسة الابتدائية وحتى إكمال الاعدادية، انتقل الى العاصمة بغداد طالباً في كلية التربية، لكن ظروفاً المّت به حالت دون الحصول على الشهادة الجامعة آنذاك.

تردد على المساجد، وأحبّ الصلاة كثيراً في جامع الامام الاعظم أبي حنيفة النعمان، وبدى اهتمامه بالدين ينمو شيئاً فشيئاً، عزّز ذلك مطالعته للكتب الاسلامية التي تركت أثرها في شخصيته فيما بعد.

السفر… بداية النشاط :

شهدت الساحة العراقية تضييقاً واسعاً في مجالات العمل بعد حرب الخليج الاولى، ممّا اضطر كثيرين الى السفر للحصول على فرصة عمل، وكان عبد العزيز احد هؤلاء النفر الذين تركو بلدهم خروجاً من المأزق الاقتصادي آنذاك.

كانت الوجة الى قطر، وهناك عمل في مجال الصحافة حيث اكسبته هذه المهنة ثقافة واسعة ومهارة جديدة في الحياة، ومن خلال وجوده هناك تعرف على المشايخ من اهل الدعوة والحركة الاسلامية وتأثر بهم، ولما عاد الى العراق انخرط في تلك الدعوة المباركة عاملاً مجتهداً في مؤسساتها.

سهم في كل خير :

تعدد نشاط ابي زينب رحمه الله في العراق، خصوصاً بعد وقوع كارثة الاحتلال، حيث ركز نشاطه في مجال الاغاثة ورعاية الارامل والايتام، واخذ هذا العمل منه الجهد الكثير، وبرز دوره في معركة الفلوجة الاولى، حيث بذل الجهد والمال والاسناد، فكان له الاثر الذي لا يُنسى وكذا عنايته بملف حقوق الانسان وتوثيق جرائم الاحتلال والسعي بها في المحافل الحقوقية كي لا يضيع حق من سلب النفس والارض والمال، وقد استطاع بفضل الله ثم بحركته الدؤوبة أن يحصل على إعانات لكثير من متضرري الاعاقات نتيجة الاعمال العسكرية التي صاحبت غزو العراق.

 فقدان الاحبة :

يتعرض المسلم في حايته لنوع من الابتلاء الذي قدّره الله له، اما تكفيرياً للذنوب او رفعة لمنزلة، وفي الحالتين خير، وقد اصاب ابو زينب من ذلك الابتلاء بفقده لعائلته الكبيرة، حيث أُصيبت زوجته وابنه بطلق ناري وكذلك ابنة اخته مع اطفالها، واصيب هو بطلقة في الرأس، امّا باقي العائلة فكان مصيرها الغرق، لأن السيارة التي تقلهم انحرفت عن مسارها وسقطت في النهر، فقد كان متجهاً الى حديثة من طريق بغداد، وكان امامه رتل لقوات الاحتلال الامريكي، وهو يمشي مسافة بعيدة عن الرتل وحاله في ذلك كحال السيارات الاخرى، لكن جندي الاحتلال الذي كان في السيارة الاخيرة فتح النار على زوجة عبد العزيز اولاً، ثم ادار مدفعه الرشاش وبدأ يضرب مَن في السيارة، وهنا حاول عبد العزيز ان ينحرف عن النار لكنه وقع في نهر قريب بعد ان أُصيب برأسه، تجمع الناس لاخراجهم لكن جنود الاحتلال ازداد جنونهم مما اخاف الناس ان يقتربوا فغرقت العائلة كلها واصيب عبد العزيز برأسه واستشهدت زوجته وابنه وابنة اخيه واطفالها.

افاق من الغيبوبة على فاجعة اليمة استقبلها بصبر وثبات مستذكراً قوله تعالى:” الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) ” .

وتمر الايام سريعاً حاملة معها ماضياً جميلاً في ذاكرة ابي زينب، وكلما مرت تلك الذكرى تجد لسانه يترنم بدعاء خاشع، وعيون تحتبس فيها الدموع.

المسلم.. كتلة من الفضائل :

يتفق الكثير ممن التقينا بهم وتحدثوا عن شهيدنا عبد العزيز انه تمتّع بمزايا جعل في نفوس من عرفوه كل حبّ ووقار، فهو حلو المجالسة ولا يحدثك الا بخير، جميل المظهر، ذواقاً في ملبسه وهيئته، ولعل هذه الصفات جميعاً جعلته في مقدمة رجال الاعمال الناجحين الذين قدموا مشاريع عديدة لخدمة الدين، لان المال عصب الحياة، وبه تمتلك الوسائل، فهو انجز بعض الاعمال التجارية بنجاح، وبعضها الاخر لم يكتب لها النجاح، لانه كان قد فارق الدنيا.

قصة استشهاده :

كان يكرر قوله لاحد المقربين له ( اشعر باني قريب من عائلتي التي استشهدت وسالتحق بهم ) وكان في عينه بريق من يرى شئ، وحوله لا يرون، وكأنه يشعر بذلك، والغريب ان الشهيد عيسى ابي ميسرة كان يقول نفس الكلام، وكأن ارواحهم غادرت اجسادهم مبكراً لترى حالها فيسقط الجسد كثوب عتيق ارهقته ادران الارض وتحررت الروح فتطير لتسجد عند ربها في محراب الطهر والكرامة والعزة والشهامة.

اثناء وجوده في منزل احد اصدقائه في منطقة أبي غريب غرب العاصمة بغداد، داهمت ذلك البيت قوة خاصة قامت بجمع الاخوة الاربعة ( عبد العزيز ، هيثم ، عبد الصمد ، سلطان ) في غرفة واحدة واطلقت عليهم النار بشكل جماعي، وبعد تنفيذ الجريمة مثلوا بجثث الشهداء الاربعة، وهكذا اسدل الستار على هذه الجريمة كسائر الجرائم التي ارتكبت ضد اهل الاسلام في العراق.

تغمد الله أبا زينب واخوته بواسع رحماته، واسكنهم فسيح جناته … امين .

أترك تعليقاً

Please enter your comment!
Please enter your name here