المولد والنشأة:
ولد في بغداد منطقة الاعظمية عام 1945م من عائلة بسيطة متواضعة من أب يعمل اسطة في دباغة الجلود وهو من وجهاء الاعظمية وجده عبد الرحمن كان يعمل (دفتري دار ) في زمن الدولة العثمانية. وأمه كانت تعلم أبناء المنطقة القران الكريم.
نشأ الشيخ عبد الصمد وسط عائلة متدينة توارثت العلم الشرعي، في بيت يذكر فيه الله وتعظم شعائر الاسلام، فهو منذ نعومة اظفاره سلك طريقاً الى المسجد لاداء الصلوات، علما ان صوته كان جميلاً في تلاوة القران الكريم مما شجعه على تطوير هذه الموهبة في ذلك الوقت مما جعله من الاصوات المميزة في التلاوة بطريقة المقامات العراقية، والمقام الماهوري منها بشكل خاص، وهي طريقة في نغم التلاوة يقرؤها اهل العراق عادةً في صلاة العيدين من كل عام.
طلب العلم:
دخل الشيخ عبد الصمد معهد الامام الاعظم لاعداد الائمة والخطباء، وتخرج منها يحمل شهادة الدبلوم في العلوم الشرعية، ودرس التجويد على يد الشيخ الفقيه عبد القادر الخطيب رحمه الله، وواظب على حضور درس الفقه والحديث عند العلامة محمد طه الباليساني وتعمق في فقه العبادات، وحضر دروس علامة العراق امجد الزهاوي رحمه الله في جامع الدهان وبقية مساجد الاعظمية، كما صحب فضيلة الشيخ محمد محمود الصواف في كثير من الدروس والمحاضرات، وهو بذلك قضى شبابه في ارتياد حلقات العلم، آخذاً العلوم الجليلة على يد العلماء والفقهاء في هذا العصر.
نادي الاعظمية:
تمثل فنون الرياضة جانباً مهما في حياة المسلم، وكان عبد الصمد رحمه الله يهتم بهذا الجانب بدخوله وتعلمه لفنون المصارعة، فكان دخوله نادي التربية الرياضية في الاعظمية في 28/9/1964، واستطاع ان يكون هناك فريقاً من الشباب الملتزم، وكان جميع من في النادي يلقبونه (الشيخ) لانه كان يقطع اللعبة او التدريب عند حضور وقت الصلاة ويقول لمن معه : لا خير في عمل يلهيكم عن اداء الصلاة.
رجل المسجد:
نذر الشيخ رحمه الله نفسه لخدمة دين الله واعمار المساجد بالخطابة والوعظ والارشاد، فقد بدأ في منطقة المدائن اماماً لمسجد الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، وانتقل بعد ذلك الى جامع حسن البارح في منطقة السبع ابكار، ثم انتقل الى جامع الصديق رضي الله عنه في منطقة راغبة خاتون والذي شهد سلسلة من الخطب التي تعنى بصلاح القلوب من امراضها بنور وهدي من الكتاب والسنة واقوال السلف، ثم انتقل الى منطقة الراشدية ليصنع هناك مساحة من التأثير في الاوساط العشائرية في جامع الشهيد وليد.
مع الاسرة:
حرص الشيخ عبد الصمد على متابعة شؤون اسرته في كل صغيرة وكبيرة، فقد كان يوقظهم لصلاة الفجر ويقرأ عليهم دروساً من السيرة النبوية ويجلس معهم في درس اسبوعي وبمادة متنوعة من التلاوة وسير الصحابة والثقافة العامة، ويجعل كل شئ في بيته من تعامل وسلوك وفق ميزان الشريعة، وكان يردد دائما رضا الله غايتي، كما تمته بفكاهة ولطافة يدخل فيها السرور على اولاده واحفاده.
خواطر الشهادة:
يتحدث علماء السلوك عن طبيعة علامات القبول عند الله سبحانه، ومن جملة ذلك ان تختم حياة الانسان بعمل صالح من ذكر وتسبيح او امر بمعروف او اغاثة لهفان، ودلالة شيخنا رحمه الله في هذا الموضوع أنه اعتاد بعد صلاة الفجر ان يبدأ عمله مبكراً في محله المتواضع وان يمسك قصاصات من الورق يكتب فيها بعض الافكار، وكان نصيب ذلك اليوم كتابته لخواطر مستوحاة من القران الكريم، وبينما هو على ذلك الحال في صبيحة يوم السبت الموافق 17/7/2004 م طالت يد الغدر والاجرام جسد الشيخ الوقور واطلقوا على صدره وابلاً من الرصاص، لينضم بذلك الى قافلة الابرار.
تغمد الله شيخنا الجليل بواسع رحمته، واكرم نزله، واسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.