المولد والنشأة
ولد عام 1954م ببغداد من والدين متعلمين، ونشأ على طاعة الله سبحانه وتعالى وحب الدين، مضت خطواته الاولى نحو مساجد الاعظمية التي تربى بين اروقتها على منهج الاسلام منذ نعومة اظفاره، اكمل دراسته الابتدائية في مسقط رأسه، ودرس الثانوية والاعدادية في ثانوية كلية بغداد بالاعظمية، التحق بكلية العلوم – جامعة بغداد عام 1972م ، ولتفوقه في الدراسة فقد تم انتقاله في السنة التالية الى الجامعة التكنلوجية – قسم الهندسة الكهربائية.
صفاته
اتصف بهدوء الطبع وسعة الصدر وطول البال، قليل الغضب، حسن الحديث ساعياً لمصالح الاخرين كما كان منتظماً في كل اموره.
ابداع في التخصص
كان الشهيد سرمد رحمه الله يميل للبحث عن الاعمال الحرة، ويجد فيها ضرباً من الابداع خلافاً للعمل الوظيفي، وكذلك سعة في الرزق إذ خطط مع بعض اخوانه في الدعوة والتخصص العلمي عام 1979 انشاء مصنع لانتاج الواح توزيع الطاقة الكهربائية يعمل فيه نخبة من المهندسين والفنيين والعمال الاداريين، ولكن هذا المشروع لم يكتب له الظهور بسبب الملاحقات الامنية واعتقالات في صفوف دعاة الاسلام.
طريق الدعوة
انضم المهندس سرمد الى قافلة الحركة الاسلامية وهو لا يزال طالباً في ثانوية كلية بغداد، ومنها برز كداعية ومثقف واعي يتحرك بالاسلام ويواجه مقولات اعداء هذا الدين في اوساط الجامعة وخارجها، ولقد كانت الدعوة الى الله تعالى هي همه بالليل والنهار.
كان يقول رحمه الله: ( نحن شباب اليوم ورجال الغد وحملة الاسلام فعلينا بالتزود بالعلم النافع والالتزام بالخلق الفاضل والارتباط بالعمل الجماعي الذي يسعى لاعادة الامة الى اسلامها وامجادها).
تميز الاخ ابو مصعب بالزهد والورع عازفاً عن الدنيا مقبلاً على الاخرة مكثراً من صيام الاثنين والخميس، وهو من حفظة القران الكريم، وكذلك حرصه على قراءة المأثورات والاذكار وادعية اليوم والليلة وهو موفقٌ في عرضه الاسلام باسلوب تبشير، فاقبل عليع الشباب الناشئة وانضموا في صفوف الدعاة العاملين.
بين العلم والعمل
كان الشهد ابو مصعب كثير المطالعة، حيث يقرأ تفسير ( في ظلال القران) وتأثر بشكل كبير بكتب الدكتور عبد الكريم زيدان واخذ عنه الكثير من مفاهيم العمل الدعوي الرصين وخصوصاً من كتابه الفذ ( اصول الدعوة ).
فهو من العاملين المجاهدين والاتقياء الاخفياء، ولقد ساهم في العمل الاسلامي الدعوي والتحرك باكثر من ميدان فقد كان محيط العمل الطلابي هو ميدانه الاول من بداية دخوله الجامعة وحتى استشهاده.
مواقف شجاعة
ان الصراع بين الحق والباطل وبين الاسلام والجاهلية ماضٍ الى يوم القيامة، فقد اعتقل سرمد وزملائه علي حسين وعامر النائب وحمد الله الكبيسي من قبل النظام البوليسي بتهمة العمل الاسلامي والدعوة في الوسط الطلابي وتعبئة الجماهير للتصدي لمخططات اداء الاسلام وخصوصاً فلسطين وافغانستان، فقد تم اعتقاله من قبل الامن العامة في كانون اول عام 1979 وحكم عليه بالاعدام مع نخبة من الشباب في تموز 1980م.
فهو ممن عاشوا المُثل والقيم الاسلامية التي تؤسس لمنهج الله في الارض، وشقّوا في الحياة طريقاً على مبادئ عظيمة، فكان خاتمة رحلتهم هي الموت في سبيل كلمة الحق، وقد وقفوا على حبل المشنقة فازدادوا على الحق اصراراً ولم تكن جريمتهم الا ان قالوا:” ربنا الله”، وأبت عليهم انفسهم ان يسكتوا على الذل والهوان للامة فمضوا شهداء باذن الله.
ومما حدث حقيقة حين ذهبوا بسرمد مع اخوانه لتنفيذ حكم الاعدام، جاء دور الملقن وطلب من سرمد ان يقول الشهادة قبل تنفيذ الحكم وهل له من وصية، فما كان من سرمد الا ان يقول وبكل جرأة اسمع الاخرين وهو في هذا الموقف ( هذه الشهادة عليها نحيا وعليها نموت وفي سبيلها نجاهد).
قصة استشهاده
كان الاخوة في الحركة الاسلامية ممن لم يعتقلوا في تلك الحملات القمعية في حالة ترقب لما ستكون عليه نتيجة اعتقال سرمد واخوانه الاخرين، وقد ساقوهم جميعاً الى محاكمات صورية معدة الاحكام مسبقاً لهؤلاء الثلة الطيبة من دعاة الاسلام.
ومنملاطفات القدر حصول رؤيا صادقة في وقت السحر لاحد الاخوة الصابرين وكان ذلك في احد ايام العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك/ تموز 1980، وان سرمد جاء الى هذا الاخ مبتسماً وعانقه بحرارة مودعاً وهو في غاية الصمت والخشوع وبعد يومين من هذه الرؤيا جاء خبر استشهاد سرمد، فقد كان ذلك اليوم على الارجح 23 رمضان 1399 هـ الموافق 30/ تموز/ 1980م.
رحم الله الشهيد وكوكبة الشهداء الذين اعدموا معه، ورحمنا الله معهم وجمعنا بهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.