( كُلُّ نَفْـسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّـارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَــازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَـاعُ الْغُرُورِ ) . [آل عمران]
في غمرة فاجعة الحركة الاسلامية وجمهور الأمة باستشهاد احد رموزها وقادتها من أرض الكنانة (مصر) وهو في قيده في سجون الظلمة … في اليوم ذاته الاثنين 14/شوال/1440هـ الموافق 17/6/2019م .. ترجل فارس آخر من فرسانها في أرض الرافدين ملبيا نداء ربه لتتعانق روحاهما بإذن الله في كنف المولى الرحيم … انه رائد من رواد الحركة الاسلامية في العراق، ومن الرعيل الأول في قافلة الدعوة المباركة ( إنه الحاج جمعة نافع الراوي – أبو طاهر ).
وحركة العدل والإحسان تنعاه لجمهورها ولعموم المسلمين وفاء بحقه، وتستذكر مآثره وكريم خصاله وجهوده اعترافاً بفضله تطبيقا لقوله تعالى: ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) … فالحاج أبو طاهر غني عن التعريف عرفته ميادين الدعوة، وساحات عمل البر والإنفاق، ومجالات الإصلاح بين الناس، إنه الرجل المسلم المربي الفاضل الداعية الناصح المتواضع الشجاع وصاحب الغيرة على الدين والعرض والوطن .. عرفته أرض العراق داعيا ومناضلا وصابرا وصادقا يجوب الارض ليبلغ دين الله لا يعرف التهاون ولا الكلل ولا الملل ولا المكوث بلا عمل .. وسطي المنهج معتدلا محبا للخير وساعيا فيه. لا يخاف في الله لومة لائم .. لم يترك النصح والدعوة الى الله الى آخر حياته له تلاميذه ومحبوه لا نسمع عنه إلا خيرا هكذا عرفناه والله حسيبه .. صقلت المحن والابتلاءات شخصيته فزادتها بريقا ولمعانا وصلابة وصلادة، وصبرا ومصابرة واستمرارا في الدعوة على الرغم من وهن الجسد بالأمراض.
والنفوس إن كانت كبارا *** تعبت في حملها الأجساد
وحق لنا ولأهله الفخر بالنفس الكبيرة الميسرة للفقيد، والخصال الحميدة التي يشهد له بها القريب والبعيد، فمناقبه ومواقفه محفورة في صفحات الأيام والسنين بأحرف من نور وهمة وإيمان.
نم قرير العين يا حاج جمعة فلا عليك من بأس بعد اليوم .. وحق لك أن تستريح بعد ما بذلت من جهد وجهاد فكل حياتك كانت مكرسة للدعوة إلى الله.
نم قرير العين ايها الأخ الحبيب بعد أن ورثت رجالا وأجيالا، يحملون رسالتك من بعدك … (( إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا حاج جمعة لمحزونون .. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون … آجرنا الله في مصيبتنا بفقدك، وأبدلنا خيرا منها، وعوض دعوتنا عنك خيراً )) سائلين المولى جل وعلا أن يتغمدك برحمته الواسعة، وأن يتقبل منك صالح العمل، وأن يتجاوز عنك ما دون ذلك، ويجعل لك من كنيتك نصيبا فينقيك ويحشرك طاهراً مطهراً، ويلحقك بالدعاة من النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا .. وأن يلهم ذويك ومحبيك الصبر والسلوان .. وأن يعوضنا عن فقدك خيرا .. انه ولي ذلك والقادر عليه.
الدكتور اسماعيل النجم
رئيس حركة العدل والاحسان في العراق
19/ حزيران / 2019 م