بقلم: أحمد العمر
العلاقة وثيقة بين القرآن والصّيام؛ فقد شرَّع الله تعالى الصّيام في رمضان؛ لأنّه أُنزِل فيه القرآن، فقال تعالى:” شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن هدًى لِلنَّاس وبيناتٍ من الهدى والفرقان”، ولكنّ السّرّ: لماذا شُرِّع الصّيام لأجل القرآن؟؟!!
لو تأمّلنا قليلًا بعض الآيات نجد ثمّة سرًّا يوحي به الله تعالى في بداية سورة البقرة؛ حيث يقول تعالى:” الم.. ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتّقين”، فالقرآن هدًى ونور ودليل نحو كل خير، ولكن لمن؟؟!! للمتّقين، نعم هدًى للمتّقين، وليس لكلّ أحد، فالقرآن لا يفتح كنوزه ولا يكشف أسراره ولا يعطي أنواره الا للمتّقين، فبدون التقوى لا يمكن تدبّر القرآن والوصول الى معانيه العميقة، ومن لم يصل الى كنوز القرآن كيف يكون له هاديًا ودليلًا؟؟!!
اذن تشريع الصّيام هو الخطوة الأولى لتهيئة القلب ليكون محطًّا للتقوى: ” يا أَيُّهَا الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلّكم تتقون” ذلك لأنّ الجوع يضيّق مسالك الشهوة ويرقّق القلب؛ لذا قال عليه الصلاة والسّلام: (( ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّامن بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامك، وثلث لشرابك، وثلث لنفَسِك )) فالبطنة تقسّي القلب وتجعل بينك وبين التدبر والفطنة حاجزًا، ومن هنا قال الامام الشافعيّ -رحمه الله: الشبع يقسي القلب ويثقل البدن ويزيل الفطنة.
فمن أراد ان يكون له القرآن دليلًا وهاديًا في الدنيا وشفيعًا وشاهدًا في الاخرة فليلزم التقوى، وأول خطوة نحو التقوى هي الصيام؛ ذلك لأنّ كثرة الطعام كما تُمرضُ القلب حسّيًّا تُمرضه معنويًّا وروحيًّا.
نسأله تعالى أن نكون ممن يشملهم قول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفِّعْني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفِّعْني فيه، قال: فيشفعان )) رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
وهكذا نجد أنّ الصيام خطوة نحو التقوى، والتقوى سبيلك لأن يكون لك القرآن هاديًا في الدنيا وشفيعًا في الآخرة، وهنا مكمن السّرّ بين القرآن والصّيام.