المولد والنشأة
أبصر النور في 1/1/1963 في محافظة الأنبار – قضاء القائم – ناحية الكرابلة (آنذاك). لأبوين عراقيين في بيئة زراعية محافظة, وكان والده ينتمي إلى عشيرة السلمان, أما والدته فتنتمي إلى عشيرة الكرابلة, وهما عشيرتان كبيرتان معروفتان في غرب العراق, ولهما امتدادات داخل العراق وخارجه.
عاش حسن عارف سني طفولته الأولى في القرية التي ولد فيها في بيت بسيط يمتهن الزراعة ثم انتقل مع عائلته إلى المحريجات في ناحية الطارمية شمال بغداد, حيث درس الابتدائية هناك، ومع حلول عام 1974 كانت والدته قد فارقت الدنيا تاركةً اياه واخوته في احتياج كبير للعطف والحنان..
انتقل حسن الى قرية جريجب ليكمل دراسته المتوسطة هناك, ومع كثرة لقاءاته باخواله الكرابلة, بدى توجهه الدعوي اكثر وضوحاً، إذ أن أخواله من أنصار أو محبي الحركة الإسلامية في العراق.
انتقل إلى عنه للدراسة في الإعدادية الصناعية في نهاية السبعينيات من القرن العشرين هناك إذ لم تكن هذه الإعدادية المهنية موجودة في القائم آنذاك. وقد أثار وجوده في عنه تلك المدينة المعروفة باحتضانها للدعوة الإسلامية شغفه بالعمل الدعوي والعمل للإسلام وحب رموزه وبدأ يقرأ ويطلع على تاريخ الدعوة والحركة الإسلامية.
طريق الدعوة
انضم الشهيد حسن الى ركب الحركة الاسلامية مع بداية الثمانينات، ومنها كانت الانطلاقة الاوسع لنشر دعوة الله سبحانه بين اهله ومجتمعه ومن يلقاهم ازاء حركته ويومياته، فكان رحمه الله له نشاط في دورات القران الكريم وذلك بالادارة والرعاية وتجهيز مستلزمات نجاحها، وكذا سعيه الدؤوب في مساعدة الفقراء والمحتاجين.
حسن الرجل القرآني
كان تعلقه بكتاب الله عز وجل تعلقا عجيبا فكان يكثر من تلاوته آناء الليل وأطراف النهار. فلم يكن يفوته قيام ليلة، وكان يسعى للعمل والوقوف عند كل آية، فضلا عن هذا فقد جمع كتاب الله وحمله برواية حفص عن عاصم بسند متصل وأجيز في ذلك, أما صوته وتلاوته للقرآن فلم يكن يملّها سامع.
وكان رحمه الله حريصا على تطبيق السنة النبوية والاقتداء بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت له منهاج من العمل بفضائلها، فحرص على الوضوء الذي هو سلاح المؤمن، مع توطين للنفس بصيام الاثنين والخميس، وكذا النوافل الاخرى كصلاة الضحى والوتر.
قلب معلق بالمساجد
كان رحمه الله شديد الحرص على صلاة الجماعة سيما الفجر وكان يمر في طريقه على إخوانه ليوقظهم لصلاة الفجر, ومن المواقف التي تروى عنه انه عندما كان مطاردا من قبل الأمن العراقي قد لجأ إلى قرية من قرى الجزيرة (شمال نهر الفرات) وهي قرية (البوبية) التابعة لقضاء راوة, وكان يعمل ميكانيكيا لمشروع زراعي حيث أن عمله يستوجب منه البقاء قرب المكائن المنصوبة على النهر فكان المسجد الذي في الشامية جنوب نهر الفرات في قرية (الخصيم) التابعة لقضاء القائم اقرب إليه فدأب على العبور إلى الجهة الثانية بواسطة القارب لأداء صلاة الجماعة كلما سمع الأذان الذي يبعد مسافة عرض النهر في الماء ومسافة كيلومتر على اليابسة. فأي حرص على صلاة الجماعة هذا؟؟! وأي رجل قلبه معلق بالمساجد؟؟!.
صلة الارحام… سبيل المؤمنين
لم تعرف القائم وما حولها وربما الأنبار كلها رجلا يصل رحمه مثل حسن عارف رحمه الله لا لأنه كان يزور أقربائه من الأعمام والأخوال باستمرار أو انه يصل من قطعه؛ بل لأنه يحسن إلى من أساء إليه منهم، ذات يوم كان في مجلس عزاء عند أعمامه فقام يعظهم وينصحهم ويذكرهم بالآخرة فبادره كبيرهم بالسب والشتم ودفعه خارج المجلس طاردا له، وفي اليوم نفسه أو في اليوم التالي طرق باب ذلك الرجل وأيضا اسمعه كلاما نابيا وطلب حسن الدخول فمنعه إلا انه أصر على الدخول مسترضيا من أساء إليه فما كان منه إلا إن أذعن بالحق واطرق خجلا من نفسه.
قصة استشهاده
ذات يوم كان منطلقا بسيارته من مدينة العبيدي إلى مدينة القائم ففوجئ بسيطرة أمريكية تقف في مكان ليس من العادة أن تقف به سيطرة وكأن هناك وشاية خاصة به وكان معه شابان فاتفقوا على ان يتظاهر احدهم بالمرض وإنهم قد أسعفوه لإيصاله إلى المستشفى ولكن يبدو أن الوشاية أقوى من خديعة الحرب فأصر ضابط السيطرة الأمريكي على تفتيش السيارة وتظاهر حسن مرة أخرى بان صندوق السيارة غير قابل للفتح وقد وضع المفتاح في قفل الصندوق فأقدم الضابط على ضربه على يده برشاشه وهنا كبّر حسن عارف واخرج مسدسه فأطلق رصاصة على رأس الضابط فارداه قتيلا وجرح آخر فبادله الأمريكان بإطلاق نار كثيف لتكون تلك الرصاصات سببا في أن يتخذه الله شهيدا عنده ولا نزكي على الله أحدا بينما جرح احد رفاقه وتمكن الآخر من النجاة..
اهتزت الأنبار كلها لمقتل حسن عارف وعلموا انه كان مستعجلا لنيل الشهادة فهو أول شهيد في المنطقة الغربية كلها ومن المبشرات تلك الابتسامة التي رآها من نظروا إليه بعد موته وتلك الرائحة التي تنبعث منه على الرغم من بقاء جثته ليومين في الصيف قبل أن يدفن في مقبرة جريجب بتاريخ 3/6/2003.
رحم الله شهيدنا، وابدله داراً خيراً من داره، واسكنه فسيح جناته.