الاستاذ المثابر، والداعية الحريص

0
1867

ولد سنة 1926 م في مدينة الموصل الحدباء شمال العراق وكان من المؤسسين للحركة الاسلامية فيها ومن الناشطين المربّين مع الشيخ الداعية محمد محمود الصواف، له الأثر الأبرز في تربية الشباب جيلا بعد جيل وترسيخ روح الإسلام فيهم وتعاليمه والدعوة للالتزام والثبات والوقوف بوجه الهجمات العلمانيّة فغدا مضرب الأمثال.

نشأتـــه

ولد في الموصل ونشأ في بيت محافظ ، كان والده – رحمه الله- غيورا على الدين قارئا للقرآن. ختم القرآن الكريم قبل دخوله المدرسة. أنهى الدراسة الابتدائية سنة 1944 وانهى الدراسة المتوسطة سنة 1947 ثم الدراسة الإعدادية الفرع الأدبي سنة 1949، وكان ترتيبه الأول على لواء الموصل آنذاك وعلى المنطقة الشمالية. وكان متفوقا في جميع المراحل. في عام 1949 باشر دراسته الجامعية في دار المعلمين العالية – كلية التربية وأنهاها بامتياز مع مرتبة الشرف في عام 1953 باشر التدريس في المتوسطة ثم الإعدادية. وقد كان عمله عمل داعية. تتلمذ على مجموعة كثر من الأساتذة ابرزهم الأستاذ قاسم الجراح وعبد المنعم الغلامي ومحمد حامد الطائي وعبد العزيز البسام.

حياته ونشاطه

كانت أول صلة له بالحركة الاسلامية صيف عام 1947، حيث التقى بالأستاذ محمد محمود الصواف ( رحمه الله )، وكانت صلته قوية به، حتى أنه قبل وفاته بساعات (أي الصواف) ذكر الأستاذ غانم حمودات وطلب من ابنته إيصال كتابه في تفسير الفاتحة وجزء عم له وكتب إهداء بخطه يدعو للداعية غانم حمودات بالقبول واصفاً إياه بأنه داعية بلد الإيمان والإسلام الموصل الحدباء . كما وكان على صلة كبيرة بعلامة العراق الأستاذ أمجد الزهاوي.

يقول الشيخ إبراهيم النعمة عن الأستاذ غانم: (( أنه كان يعد التدريس كالصلاة فحينما سأله أحد طلابه: يا أستاذ هل أحلت على التقاعد ؟ فقال الأستاذ: سبحان الله هل الصلاة فيها تقاعد. فقال الطالب: أنا أعلم أن الصلاة ليس فيها تقاعد وأنت أستاذي درستني سنة كذا.. فقال الأستاذ: لقد قلت لك هذا لأبين لك أن أجر تدريس التربية الإسلامية لا يقل عن أجر الصلاة)). ويقول الشيخ إبراهيم النعمة (حفظه الله): ((إن هناك أمورا اعرفها عن الأستاذ غانم حمودات لو عرفها الناس لما ترددوا في القول بأنه على رأس الدعاة إلى الله ليس في العراق وحده، بل في العالم الإسلامي)).

مقولته عن مثابرته

( واني لأذكر من باب التحديث بالنعمة، حرصي الشديد على التدريس، وألا تفوتني حصة واحدة، واني في ذلك الحرص والنشاط أتفوق على زملاء كرام في المدرسة منهم من سبق أن درستهم على رغم تقدم السن، واعتلال الصحة، ومما وفقني الله عز وجل اليه إقامة ليلة القدر الشريفة في الإعدادية الشرقية أكثر من عشر سنين، وقد جاوز عدد التلاميذ المقيمين لليلة الشريفة (170) تلميذا في بعض السنين، ثم شرعنا نقيمها بعد ذلك في الجوامع. كما وفق الله سبحانه وتعالى، فكان لنا السبق في بناء مسجد في المدرسة، وما أسعدني وقد كنت أرى التلاميذ يتسابقون إلى الوضوء في البرد القارص، ويؤدون الصلاة فرادى وجماعات في المسجد، وما أسعدني وأنا أرى الوفاء من أبنائي التلاميذ واسمع ذكرهم لما كنت اهديهم إليه وأحثهم عليه).

قيــل عنـه

في الوثائق الرسمية وملفات المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى، وخاصة الملفة الشخصية للأستاذ غانم حمودات، الكثير من تقارير مدراء التربية، والمفتشين (المشرفين) التربويين عن نشاط وجهود هذا الرائد الكبير من رواد حركة التربية والتعليم في العراق، ولا يتسع المجال هنا لذكر تفاصيل كل ما تتضمنه تلك التقارير فعلى سبيل المثال كتب مدير معارف (تربية) لواء الموصل نعمان بكر التكريتي (1955 ـ 1956) تقريرا في 14 آب 1955، عن الأستاذ غانم حمودات عندما كان مدرسا في متوسطة الحدباء التي عين فيها لاول مرة (13 تشرين الاول 1953) يقول إن الأستاذ غانم حمودات ((على جانب كبير من كرم الخلق وحسن السيرة، هادئ الطبع، قوي الشخصية، رجل علم وعمل، وصاحب دين وعقيدة، غزير المادة، واسع الاطلاع، يحسن مهنة التعليم ويفتخر بها . يعمل متفانيا في غرس الفضيلة والعلم في نفوس النشئ، ممتزج مع إدارة المدرسة وهيئتها التدريسية، ويحمل له الجميع الحب والاحترام والتقدير، شديد الحرص على أداء واجباته، ويعمل جهده في ميدان النشاط اللاصفي، بعيد عن الآراء السياسية، …)) . وقد أيد الأستاذ صلاح الدين ألنوري مدير متوسطة الحدباء آراء المشرف التربوي وأعاد تأكيدها في تقرير خاص به وجهه إلى الأستاذ غانم حمودات مع اقتراح إضافة وهو ((ضرورة تقديم الشكر والتقدير له ليكون مثلا صالحا يقتدي به  جميع أعضاء الهيئة التدريسية)).

 وفي 25 من نيسان 1954 كتب الأستاذ عوني بكر صدقي مدير معارف لواء الموصل تقريرا عن الأستاذ غانم حمودات والذي لم يكن عمره آنذاك يتجاوز ألـ(24) سنة، أي انه كان في بداية ممارسته للتعليم جاء فيه: (( شاب مثالي، ذو خلق متين وسلوك حسن، شخصية جيدة، ومعلوماته غزيرة، يحسن مهنة التعليم ويعتز بها، قابلياته ممتازة، كثير المطالعة والتتبع، يعمل واجباته بكل حرص وإخلاص، ويساهم كثيرا في مجال النشاط الصفي كثير من اللجان، محبوب جدا، ومحترم من الجميع، ممتزج مع إدارة المدرسة وهيئتها التدريسية بالرغم من حداثته في سلك التعليم، إلا انه اثبت جدارته وكفاءته لهذا العمل بنجاح)).

 وفــاتــــه

توفي في مدينته الموصل في الأول من نيسان لعام 2012م بعد صبر مرير على المرض، ودفن في أرضها. تغمده الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته.

أترك تعليقاً

Please enter your comment!
Please enter your name here