بقلم: عماد العباد
يُحكى أن كاهنين كانا في طريق سفر طويل، وخلال ذلك مرّا بنهر فوجدا عنده امرأة تحاول العبور لكنها لا تجيد السباحة، رفض أحدهما أن يساعدها فيما قرر الآخر أن يضعها على ظهره ويعبر بها. بعد أن قطعا النهر مكث الكاهن الأول ثلاثة أيام غاضباً على رفيقه ولا يتحدث معه، وفي اليوم الثالث انفجر في وجه صاحبه ووبخه لأنه تخلى عن تقواه وحمل امرأة غريبة على ظهره. عندها أجابه الآخر بلا مبالاة « لقد حملتها على ظهري دقيقتين وأنزلتها أما أنت فحملتها على ظهرك ثلاثة أيام وما زلت تحملها ».
ما يستفاد من الحكاية هو أن لدينا الكثير من الأحمال التي نضعها على ظهورنا ولا نشعر، حتى يأتي يوم تثقل فيه حركتنا ونفقد متعة الحياة بسببها، والمشكلة أننا لا ندرك حجم تلك الأحمال ولا مقدار ما تسببه لنا من ألم نفسي. فكر في أمر حدث لك في الماضي وما زلت تستحضره وتسمح له أن يوجعك ويؤذي حياتك، رغم أنه مات وانتهى إلا أنك تصر على أن تجرجره معك أينما ذهبت .
ليس الماضي فحسب ما يثقل كاهلنا، بل هم المستقبل أيضاً والترقب القلق لما سيحدث.
ففي هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العالم من سيناريوهات محتملة للحروب وتحديات اقتصادية، يعاني الكثيرون من قلق المستقبل الأسود، مرعوبين من فقدانهم لما يملكونه من رخاء وراحة وأمن فيدخلون دوامة لا تنتهي من القلق، وهذا ما يقول عنه جبران: أليس الخوف من الحاجة هو الحاجة بعينها ؟ .
ولذلك ضاعت طمأنينة الإنسان بين الحزن على الماضي والخوف من مفاجآت المستقبل، وهو ما جعل مدرسة : قوة الآن (The power of now) تلقى رواجاً كبيراً لأنها تعالج هذا الخط الزمني المضطرب، إذ تحاول أن تضعف الإحساس بالماضي والمستقبل وتقوي الإدراك بقيمة الحاضر.
وأخيراً، عليك أن تتوقف وتتأمل الأحمال التي تضعها على عاتقك، وما مدى أهميتها. وستستطيع حينها أن تميز ما يمكن أن تطرحه منها، عندها ستشعر بمتعة السير في الحياة متخففاً من أحمال كثيرة لا قيمة لها.
المصدر: جريدة الرياض