الأخلّاء النبلاء

0
1748

بقلم د. خالد رُوشه

مَن منّ الله عليه بخليل صالح نبيل فقد أنعم عليه أحسن النعم، كيف لا وهو الصاحب في الخير، والشريك في العناء، والداعم في مسيرة النجاح!

والخليل الصالح نادر كندرة الزئبق الأحمر، فلا تكاد تجد خليلا نبيلا بين المئات من الناس، فلئن وجدت أحدهم فاستمسك به فإنه نفيس ثمين.

والخليل الصالح حامل مسك، ودليل خير، ومنارة نصح، ووسيلة رشد، ومؤنس إلى الجنة. وفي الشدائد هو داعم وباذل ومعطاء ومضح، وفي المسرات مشارك بإخلاص، ومحب لإسعادك ومسارع الى أفراحك.

وفي غيابك يحفظ العهد، ويديم الود، فيستر عرضك، ويسد خله غيابك. أتحدث ههنا عن صداقة يعدها الإنسان قريبة منه، فيمضي معها وقته، ويصحبها في شئونه، ويطلعها على خصوصياته، ويستأمنها على شأنه، ويدخرها عبر الايام.

والنبل ها هنا في الصداقة له علامات:

فأولها، أن يكون تقيا، فالصداقة قائمة على الثقة، والثقة لا يمكن أن تكتمل إلا لمن خشي الله سبحانه، فهو الذي يحفظك في غيبتك، فيستر عرضك، ويحفظ أمانتك، ويصاحبك في الطاعات، ويبعدك عن المنكرات.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي ” أخرجه أحمد وابو داود.

من هنا كان لابد علينا أن نحذر من أهل الشهوات، فصاحب الشهوة يكثر الحديث عنها، ويبحث عن صحبة فيها، ويزينها، وتكون شغله الشاغل، كما نحذر من أهل الانحرافات العقائدية، فهم يبثون الشك في قلوب أصدقائهم.
وثانيها، أن يكون إلفا يؤلف، أعني أن يكون ذلولا في معاملته، سهلا في شخصيته، يحب الناس ويحبه الناس،

رقيق القلب، كريم السلوك، وفي الحديث ” المؤمن يأْلَف ويُؤْلَف، ولا خير فيمن لا يأْلَف ولا يُؤْلَف ” أخرجه

احمد وصححه في المشكاة.

لذا فاحذر أهل القسوة والشدة، المتصفين بها، الصارخين في وجوه الناس، محبي الصراعات والاشتباكات والعقوبات، واحذر أهل الأنانية وحب الذات، واحذر الساعين على مصالحهم خاصة غير المبالين بالآخرين من حولهم، واحذر كثيري الحديث عن أنفسهم، المتفاخرين بذواتهم، فإنهم لا يصلحون كأصدقاء.

وثالثها، أن يستر عيبك وينشر فضائلك، وفي الحديث: “من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة” أخرجه أحمد وصححه في صحيح الجامع. فاحذر من يتحدث بعيبك، ويكثر نقدك، ولا يرى خيرك.

ورابعها، أن يكون صاحب مروءة وعطاء في المواقف، وفي الحديث: ” أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ” أخرجه الطبراني وحسنه الألباني.

فاحذر من يظهر في السراء ويختفي في الضراء، واحذر الجبناء، واحذر البخلاء، واحذر من يتركك في مواقف الشدة، ومن يخاصمك إذا اختلف معك.

وخامسها، أن يكون واضحا غير ماكر، وفي الحديث: “لا يكيدُ أهلَ المدينة أحدٌ، إلا انماعَ كما يَنْماعُ الملحُ في الماء” يعني ذاب وانتهى أمره، والحديث اخرجه البخاري.

فاحذر أهل المكر، وأهل الكذب، واحذر المرائين، والمتلونين، واحذر ذوي الشخصيات الغامضة، وذوي المواقف الغامضة، وذوي التاريخ الغامض، وأهل السير المريبة، والذين يكثر في كلامهم الخفاء والتورية، وابحث عن السهل الهين اللين، البسيط الواضح، من تعرف ما يسعده وما يغضبه، وتعرف هدفه ووسائله ومبادئه وقيمه.

هؤلاء إذا صادقتهم أمنت، وإذا صحبتهم سلمت، وإذا خلفتهم على ما تثمن حفظوك فيه، وإذا استشرتهم نصحوك بما يحبون، لا يحسدوك ولا يستكثرون عليك نعمة، ولا يغتابوك ولا ينتقصوك، ولا يخادعوك ولا يمكرون عليك، ولا يغشوك، بل يكونون لك الردء والظهر، والمعين، فتصحبهم صحبة خير، وتسير معهم في طريق مستقيم.

المصدر: موقع المسلم

أترك تعليقاً

Please enter your comment!
Please enter your name here